كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 1)

أَحَدُهُمَا: مِنْ زَمَانِ الدَّمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَالثَّانِي: مِنْ زَمَانِ الْعَادَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(مَسْأَلَةٌ)
: قال الشافعي: " وَإِنْ كَانَ الدَّمُ مُبْتَدِئًا لَا مَعْرِفَةَ لَهَا بِهِ أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ ثُمَّ إِذَا جَاوَزَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اسْتَيْقَنَتْ أَنَّهَا مستحاضةٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا تَمْيِيزٌ وَلَا عَادَةٌ، وَهِيَ امرأة مبتدأة وناسية في كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَقْسَامٌ تَتَعَلَّقُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ.
فَأَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ فَهِيَ الَّتِي بَدَأَ بِهَا الدَّمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا حَيْضٌ مِنْ قَبْلُ، وَلَهَا سِنٌّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَمُهَا فِيهِ حَيْضًا، وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ رُؤْيَةِ الدَّمِ إِذَا كَانَ كَدَمِ الْحَيْضِ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ فَإِنِ اسْتَدَامَ بِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً بَانَ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا لِلصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَدُمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً بَانَ أَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ وَلَزِمَهَا إِعَادَةُ مَا تَرَكَتْ مِنَ الصَّلَاةِ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ لِرُؤْيَةِ الدَّمِ فَإِنِ انْقَطَعَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَانَ فَرْضُ الصَّلَاةِ لَهَا لَازِمًا وَأَجْزَأَهَا مَا صَلَّتْ، وَإِنِ اسْتَدَامَ بِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً تَرَكَتِ الصَّلَاةَ حِينَئِذٍ، قَالَ: لِأَنَّ رُؤْيَةَ الدَّمِ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَيْضًا تَدَعُ فِيهِ الصَّلَاةَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَمَ فَسَادٍ تَلْزَمُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَجُزْ إِسْقَاطُ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِالشَّكِّ وَالتَّجْوِيزِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: غَيْرُ الْمُبْتَدَأَةِ إِذَا بَدَأَتْ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ تَدَعُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ هذا التجويز موجود.
وَالثَّانِي: الْمُعْتَادَةُ إِذَا تَجَاوَزَ دَمُهَا قَدْرَ الْعَادَةِ تَدَعُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ هَذَا التَّجْوِيزُ مَوْجُودًا وَإِذَا بَطُلَ بِهَذَيْنِ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ هَذَا التَّجْوِيزِ، وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهَا، وَهُوَ أَنَّ مَا ابْتَدَأَتْ بِرُؤْيَتِهِ حَيْضٌ.

(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا وَدَامَ بِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَصَاعِدًا فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ دَمًا أَسْوَدَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ دَمًا أَصْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِفًا بَعْضُهُ أَسْوَدُ وَبَعْضُهُ أَصْفَرُ، فَإِنْ كَانَ دَمًا أَسْوَدَ فَهُوَ حَيْضٌ مَا لَمْ يُجَاوِزْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ دَمًا أَصْفَرَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَا يَكُونُ حَيْضًا، وَيَكُونُ دَمَ فَسَادٍ، وَأَمَّا أَبُو سَعِيدٍ فَعَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ، وَأَمَّا أَبُو إِسْحَاقَ فَلِأَنَّهُ قَدْ خَلَا مِنْ عَلَامَتَيِ الْحَيْضِ.

الصفحة 406