كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 1)
ولو قالت: حيضي خمسة عشرة يَوْمًا مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَانَ يَقِينُ حَيْضِهَا يَوْمَيْنِ الرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَقَبْلَهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا شَكٌّ بِالْوُضُوءِ وَبَعْدَهَا ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ يَوْمًا شَكٌّ بِالْغُسْلِ.
وَلَوْ قَالَتْ: حَيْضِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَانَ يَقِينُ حَيْضِهَا يَوْمًا وَهُوَ الْخَامِسَ عَشَرَ وقبله أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا شَكٌّ بِالْغُسْلِ.
وَلَوْ قَالَتْ: حَيْضِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ما لَمْ يَكُنْ لَهَا يَقِينُ حَيْضٍ لِأَنَّ أَيَّامَ الحيض لا يزيد عَلَى النِّصْفِ شَيْئًا، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قِيَاسُ مَا وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
فَهَذَا آخِرُ أَقْسَامِ النَّاسِيَةِ، وَهُوَ آخِرُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَقَدْ يَتَعَقَّبُ ذَلِكَ فُصُولٌ أَرْبَعٌ هِيَ تَابِعَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْوَالِ الْمُسْتَحَاضَةِ:
أَحَدُهَا: فِي التَّلْفِيقِ وَهُوَ مِنْ تَوَابِعِ التَّمْيِيزِ.
وَالثَّانِي: فِي الِانْتِقَالِ وَهُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْعَادَةِ.
وَالثَّالِثُ: فِي الْخَلْطَةِ وَهُوَ مِنْ تَوَابِعِ النَّاسِيَةِ.
وَالرَّابِعُ: فِي الْغَفْلَةِ وَهُوَ مُلْحَقٌ بِذَاتِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي التَّلْفِيقِ)
وَصُورَتُهُ أَنْ تَرَى الْمَرْأَةُ يَوْمًا دَمًا ويوماً نقاً، ويوماً دماً ويوماً نقاً، فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ لَا يَتَجَاوَزُهَا وَانْقَطَعَ عِنْدَ اسْتِكْمَالِهَا، فَالَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي سَائِرِ كُتُبِهِ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَيْضٌ أَيَّامُ الدَّمِ وَأَيَّامُ النَّقَاءِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ، فِي مُنَاظَرَةٍ جَرَتْ بَيْنَهُ وبين محمد بن الحسن ما اقتضى أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الدَّمِ حَيْضًا، وَأَيَّامُ النَّقَاءِ طُهْرًا فَخَرَّجَهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَيْضٌ أَيَّامُ الدَّمِ وَأَيَّامُ النَّقَاءِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَقَلَّ طُهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يوماً فلا يجوز.
وَالثَّانِي: أَنَّ عَادَةَ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ مُسْتَمِرَّةٌ بأن يجري الدم زماناً ويرقأ زَمَانًا، وَلَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَسْتَدِيمَ جَرَيَانُهُ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ، فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ إِمْسَاكِهِ حَيْضًا؛ لِكَوْنِهِ بَيْنَ دَمَيْنِ كَانَ زَمَانُ النَّقَاءِ حَيْضًا لِحُصُولِهِ بَيْنَ دَمَيْنِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ كُلُّهَا حَيْضًا، يَحْرُمُ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ النَّقَاءِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ الدم.
الصفحة 424
455