كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 5)

وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِصْمَةَ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا مَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا، وَمَا يَحْرُمُ، قَالَ: " إِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ، وَلَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ". فَدَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ مَا عَدَا ذَلِكَ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ؟ قَالَ: " بَلَى وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ فَيَكْذِبُونَ وَيَحْلِفُونَ فَيَأْثَمُونَ ".
وَرَوَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا خَيْرَ فِي التِّجَارَةِ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَمْدَحْ بَيْعًا، وَلَمْ يَذُمَّ شِرًى، وَكَسَبَ حَلَالًا فَأَعْطَاهُ فِي حَقِّهِ، وَعَزَلَ مِنْ ذَلِكَ الْحَلِفَ ".
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تِسْعَةُ أَعْشَارِ الرِّزْقِ فِي التِّجَارَةِ وَالْجُزْءُ الْبَاقِي فِي السَّبَايَا "، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: السَّبَايَا: النِّتَاجُ.
وَأَمَّا الْفِعْلُ: مِنْ بُيُوعِهِ الَّتِي عَقَدَهَا بِنَفْسِهِ فَكَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى عَدَدًا، غَيْرَ أنَّ الْمَنْقُولَ مِنْهَا مَا اخْتُصَّ بِأَحْكَامٍ، مُسْتَفَادَةٍ، فَمِنْ ذَلِكَ، مَا رَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَعْرَابِ حِمْلَ خَبَطٍ، فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اخْتَرْ " قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: عَمَّرَكَ بَيْعًا.
وَرَوَى سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: جَلَبْتُ أَنَا وَمَخْرَمَةُ الْعَبْدِيُّ بَزًّا مِنْ هَجَرَ، فَأَتَيْنَا بِهِ مَكَّةَ، فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاشْتَرَى مِنَّا سَرَاوِيلَ وَوَزَّانٌ يَزِنُ بِالْأَجْرِ، فَقَالَ لِلْوَزَّانِ: " زِنْ وَأَرْجِحْ ".

الصفحة 4