كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 7)

أَحَدُهُمَا: يَقَرُّ فِي مَكَانِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُقَامُ عَنْهُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ لِئَلَّا يَصِيرَ زَرِيعَةً إِلَى تَمَلُّكِهِ وَادِّعَائِهِ، فَلَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَبْنِيَ فِي مَقْعَدٍ مِنْ فَنَاءِ السُّوقِ بِنَاءً منعٍٍ، لِأَنَّ إِحْدَاثَ الْأَبْنِيَةِ يُسْتَحَقُّ فِي الْأَمْلَاكِ وَأَمَّا إِذَا حَلَّقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ حِلَقًا مُنِعَ النَّاسُ مِنَ اسْتِطْرَاقِهَا وَالِاجْتِيَازِ فِيهَا، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا حِمَى إِلَّا فِي ثَلَاثٍ ثُلَّةِ الْبِئْرِ، وطول الغرس، وحلقة القوم فلو عرف فقه بِالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِهِ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْجَامِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ وَكَانَ السَّابِقُ أَحَقَّ بِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ قَدْ صَارَ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنَ الْفُقَهَاءِ والقراء أحق به، وله منع من سبق إِلَيْهِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَوَاءٌ الْعَاكِفِ فِيهِ وَالْبَادِ} وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الصفحة 496