كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 10)

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يَتَخَالَعُ بِهِ الزَّوْجَانِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا كَانَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ صَرِيحَةٌ فِي الطَّلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا عِوَضٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ قَوْلُهَا بِتَّنِي أَوْ أَبِنِّي أَوِ ابْرَأْ مِنِّي أَوْ بَارِئْنِي أَوْ خَلِّينِي أَوْ أَبْعِدْنِي أَوْ حَرِّمْنِي فَهَذَا وَمَا شَاكَلَهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ كِنَايَةٌ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ عِوَضٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَهُوَ لَفْظَانِ الْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِمَا عِوَضٌ كَانَ مَعَهُ عِوَضٌ فَهُمَا كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ، وَإِنِ اقْتَرَنَ بِهِمَا عِوَضٌ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ: أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْإِمْلَاءِ إِنَّهُ صَرِيحٌ كَالطَّلَاقِ فَيَكُونُ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَنَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ إِلَى مُخْتَصَرِهِ هَذَا، إنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ كَالْقِسْمِ الثَّانِي.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا صَرِيحًا فَيَكُونُ حُكْمُهُ حِينَئِذٍ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الْقِسْمَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.

(فَصْلٌ:)
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا لَمْ يَخْلُ حَالُهُمَا فِي عَقْدِ الْخُلْعِ مِنْ أَحَدِ قِسْمَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَتَّفِقَا فِي لَفْظِ الْخُلْعِ وَإِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَتَّفِقَا فِي لَفْظِ الْخُلْعِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَسْأَلَهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ فَيُجِيبَهَا بِمِثْلِهِ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ لَهُ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَيَقُولُ لَهَا: قَدْ فَارَقْتُكِ.
أَوْ تَقُولُ لَهُ: سَرِّحْنِي بِأَلْفٍ، فَيَقُولُ لَهَا: قَدْ سَرَّحْتُكِ فَقَدْ تَمَّ الْخُلْعُ بِطَلَبِهَا وَإِيجَابِهِ، وَلَا يُسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ مُرَادِهِ.
وَهَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي، فَقَالَ لَهَا: قَدْ فَارَقْتُكِ، أَوْ قَالَتْ لَهُ سَرِّحْنِي، فَقَالَ لَهَا: قَدْ طَلَّقْتُكِ، لِأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ صَرِيحَةٌ يَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهما مَقَامَ الْآخَرِ فَكَانَ مُمَاثِلًا فِي حُكْمِهِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي لَفْظِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَسْأَلَهُ بِكِنَايَةِ الطَّلَاقِ فَيُجِيبَهَا بِمِثْلِهِ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ لَهُ أَبِنِّي بِأَلْفٍ أَوْ أَبِنِّي أَوِ ابْرَأْ مِنِّي أَوْ حَرِّمْنِي أَوْ أَبْعِدْنِي فَيَقُولُ لَهَا: قَدْ أَبَنْتُكِ أَوْ بِنْتُكِ أَوْ بَارَأْتُكِ أَوْ حَرَّمْتُكِ أَوْ أبعدتك.

الصفحة 32