كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 11)

أَحَدُهَا: مُوسِرٌ يَسْتَعْمِلُ أَعْمَالَ الْمُوسِرِينَ، فَلَا تَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ.
وَالثَّانِي: مُعْسِرٌ يَسْتَعْمِلُ أَعْمَالَ الْمُعْسِرِينَ فَهَذَا يَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ عَبْدِهِ.
وَالثَّالِثُ: هُوَ مُوسِرٌ يَسْتَعْمِلُ أَفْعَالَ الْمُعْسِرِينَ فَيَلْزَمُهُ مُسَاوَاةُ عَبْدِهِ.
وَالرَّابِعُ: مُعْسِرٌ يَسْتَعْمِلُ أفعال الموسرين فيمنع من مساواة عبده لترفهه فِي حَقِّ نَفْسِهِ.
(الْقَوْلُ فِي كِسْوَةِ الْجَوَارِي)

(مسألة)
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالْجَوَارِي إِذَا كَانَتْ لَهُنَّ فَرَاهَةٌ وَجَمَالٌ فَالْمَعْرُوفُ انهن يكسين أحسن من كسوة اللائي دُونَهُنَّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْمَمْلُوكِينَ أَطْعِمُوهُمْ مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون (قال الشافعي) رحمه الله: هذا كلام مجمل يجوز أن يكون على الجواب فيسال السائل عن مماليكه وإنما يأكل تمراً أو شعيراً ويلبس صوفاً فقال أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون والسائلون عرب ولبوس عامتهم وطعامهم خشن ومعاشهم ومعاش رقيقهم متقارب فأما من خالف معاش السلف فأكل رقيق الطعام ولبس جيد الثياب فلو آسى رقيقه كان أحسن وإن لم يفعل فله ما قاله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نفقته وكسوته بالمعروف " فأما من لبس الوشي والمروي والخز وأكل النقي وألوان لحوم الدجاج فهذا ليس بالمعروف للمماليك وقال عليه السلام " إِذَا كَفَى أَحَدِكُمْ خَادِمُه طَعَامَهُ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فليدعه فليجلسه معه فإن أبى فليروغ له لقمة فيناوله إياها " أو كلمة هذا معناها فلما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فليروغ له لقمة " كان هذا عندنا والله أعلم على وجهين أولاهما بمعناه أن إجلاسه معه أفضل وإن لم يفعل فليس بواجب إِذْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وإلا فليروغ له لقمة " لأن إجلاسه لو كان واجبا لم يجعل له أن يروغ له لقمة دون أن يجلسه معه أو يكون بالخيار بين أن يناوله أو يجلسه وقد يكون أمر اختيار غير الحتم وهذا يدل على ما وصفنا من بيان طعام المملوك وطعام سيده والمملوك الذي يلي طعام الرجل مخالف عندي للمملوك الذي لا يلي طعامه ينبغي أن يناوله مما يقرب إليه ولو لقمة فإن المعروف أن لا يكون يرى طعاماً قد ولي العمل فيه ثم لا ينال منه شيئاً يرد به شهوته وأقل ما يرد به شهوته لقمة وغيره من المماليك لم يله ولم يره والسنة خصت هذا من المماليك دون غيره وفي القرآن ما يدل على ما يوافق بعض معنى

الصفحة 528