كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 13)

(بسم الله الرحمن الرحيم)

(كتاب القسامة)
(مسألة)
قال الشافعي رضي الله عنه: " أخبرنا مالك عن أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءَ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي حَوَائِجِهِمَا فَأُخْبِرَ مُحَيِّصَةُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي قَفِيرٍ أَوْ عَيْنٍ فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ قَالُوا مَا قَتَلْنَاهُ فَقَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ أَخُو الْمَقْتُولِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ " كَبِّرْ كَبِّرْ) يُرِيدُ السِّنَّ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ " إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وإما أن يؤذنوا بحرب) فكتب عليه السلام إليهم فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ " أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) قَالُوا لَا قَالَ فَتَحْلِفُ يَهُودُ قَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ عِنْدِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِائَةَ نَاقَةٍ قَالَ سَهْلٌ لَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ (قَالَ الشافعي) رحمه الله فإن قيل فقد قال للولي وغيره تحلفون وتستحقون وأنت لا خلف إلا الأولياء قيل يكون قد قال ذلك لأخي المقتول الوارث ويجوز أن يقول تحلفون لواحد والدليل على ذلك حكم الله عز وجل وحكم رسوله عليه الصلاة والسلام أن اليمين لا تكون إلا فيما يدفع بها المرء عن نفسه أو يأخذ بها مع شاهده ولا يجوز لحالف يمين يأخذ بها غيره) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْقَسَامَةُ فَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْقَسَمِ وَهُوَ الْيَمِينُ. سُمِّيَتْ قَسَامَةً لِتَكْرَارِ الْأَيْمَانِ فِيهَا، وَاخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ هِيَ اسْمٌ لِلْأَيْمَانِ أَوْ لِلْحَالِفِينَ بِهَا؟
فَقَالَ: بَعْضُهُمْ هِيَ اسْمٌ لِلْأَيْمَانِ، لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ مِنْ أَقْسَمَ يُقْسِمُ قَسَامَةً.
وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ اسْمٌ لِلْحَالِفِينَ بِهَا لِتَعَلُّقِهَا بهم وتعديها إليهم. والقسامة مُخْتَصَّةٌ بِدَعْوَى الدَّمِ دُونَ مَا عَدَاهَا مِنْ سَائِرِ الدَّعَاوَى وَأَوَّلُ مَنْ قَضَى بِالْقَسَامَةِ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ

الصفحة 3