كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 13)

وَمِنْهَا: أَنَّ تَأْثِيرَ الشَّمْسِ فِي الْأَشْرِبَةِ كَتَأْثِيرِ الطَّبْخِ، وَإِنْ كَانَتْ أَبْطَأَ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالشَّمْسِ حُدُوثُ الشِّدَّةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِالطَّبْخِ حُدُوثَ الشِّدَّةِ: لِأَنَّهُمَا لَمَّا اسْتَوَيَا فِي التَّأْثِيرِ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْحُكْمِ.
وَمِنْهَا: مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِمْ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مِنَ " الْأُمِّ) ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ إِذَا شَرِبَ أَقْدَاحًا، فَلَمْ يَسْكَرْ قَالُوا: حَلَالٌ، قَالَ: فَإِنْ خَرَجَ إِلَى الْهَوَاءِ فَضَرَبَتْهُ الرِّيحُ فَسَكِرَ قَالُوا: يَكُونُ حَرَامًا قَالَ: يَا عجبا ينزل الشراب إلى جوفه حلالاً ويصير بالريح حراماً.
قالوا: يكون التحريم مراعاً، قِيلَ لَهُمْ: إِنَّمَا يَكُونُ مُرَاعًى مَعَ بَقَائِهِ، لأن المراعى موقوف والمقوف مَمْنُوعٌ وَالْمَمْنُوعُ مُحَرَّمٌ، وَإِنَّ مَا رَاعَيْتُمُوهُ بَعْدَ شُرْبِهِ أَبَحْتُمُوهُ مَشْكُوكًا فِيهِ، وَالشَّكُّ يَمْنَعُ مِنَ الْإِبَاحَةِ وَغُرِّرْتُمْ بِهِ فِي إِبَاحَةِ مَا تُحَرِّمُونَهُ عَلَيْهِ، وَمَا أَفْضَى إِلَى هَذَا كَانَ حَرَامًا.
وَمِنْهَا: مَا احْتَجَّ بِهِ الْمُزَنِيُّ عَلَيْهِمْ: أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْرِبَةِ إِذَا كَانَتْ حُلْوَةً فَهِيَ حَلَالٌ، وَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا، فَإِذَا حَمُضَتْ وَصَارَتْ خَلَّا فَهِيَ حَلَالٌ، وَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا وَجَبَ إِذَا اشْتَدَّتْ وَأَسْكَرَتْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا وَاحِدًا، وَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا فَلَمَّا لَمْ يَحِلَّ جَمِيعُهَا وَجَبَ أَنْ يَحْرُمَ جَمِيعُهَا. وَلَمَّا لَمْ يُحِلَّ قَلِيلُهَا وكَثِيرَهَا وَجَبَ أَنْ يَحْرُمَ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْخَمْرَ قَدِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهَا، وَالنَّبِيذُ قَدِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهُ فَمِنْ أَسْمَاءِ الْخَمْرِ: الْعُقَارُ سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا تُعَاقِرُ الْإِنَاءَ أَيْ تُقِيمُ فِيهِ.
وَمِنْ أَسْمَائِهَا: الْمُدَامُ؛ لِأَنَّهَا تَدُومُ فِي الْإِنَاءِ.
وَمِنْ أَسْمَائِهَا: القهوة وسميت به؛ لأنها تقهي عن الطعام. أي يقطع شَهْوَتُهُ.
وَمِنْ أَسْمَائِهَا السُّلَافُ: وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ من عينه بغير اعتصار، ولها خير ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ.
وَمِنْ أَسْمَاءِ النَّبِيذِ: السَّكَرُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسْكِرُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يطبخ.
ومن أسمائه: البازق، وَهُوَ الْمَطْبُوخُ.
وَمِنْ أَسْمَائِهِ: الْفَضِيخُ، وَهُوَ مِنَ البسر، سمي بذلك؛ لافتضاخ البسر منه.
ويسميه أهل البصرة العري.
ومنه البتع مِنَ الْعَسَلِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَمِنْهُ الْمِزْرُ، وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ لِأَهْلِ الْحَبَشَةِ.

الصفحة 400