كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 13)

وَإِذَا وَجَبَتِ الدِّيَةُ، فَإِنْ قِيلَ: بِاسْتِحْقَاقِ الْقَوَدِ عَلَيْهِ، كَانَتْ دِيَةَ عَمْدٍ تَجِبُ فِي مَالِهِ حَالَّةً، وَلَا تَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْقَوَدَ لَا يستحق كان دِيَةَ عَمْدٍ شِبْهَ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ عَامِدٌ فِي فِعْلِهِ مُخْطِئٌ فِي قَصْدِهِ، وَأَيْنَ تَكُونُ الدِّيَةُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَالثَّانِي: فِي بيت المال.
وأما القسم الثاني: أن يكون الوالي عَلَيْهِ مُنَاسِبًا لَهُ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ، فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَادُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ، وَيُنْظَرُ فِي قَطْعِهَا فَإِنْ كَانَ تَرْكُهَا أَخْوَفَ مِنْ قَطْعِهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السُّلْطَانِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ التُّهْمَةِ أَبْعَدُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لمصالحه أَخَصُّ.
وَإِنْ كَانَ قَطْعُهَا أَخْوَفَ مِنْ تَرْكِهَا، ففي ضمانه للدية وجهان:
أحدهما: يَضْمَنُهَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَمْرَيْنِ.
وَالثَّانِي: يَضْمَنُهَا لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فِي تَرْكِهَا.
وَهَلْ تَكُونُ دِيَةَ عَمْدٍ تُتَعَجَّلُ فِي مَالِهِ، أَوْ دِيَةَ خَطَأٍ شِبْهِ الْعَمْدِ تُؤَجَّلُ عَلَى عَاقِلَتِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وأما القسم الثالث: أن يكون الوالي عَلَيْهِ مُسْتَنَابًا، وَهُمْ صِنْفَانِ وَصِيُّ أَبٍ، وَأَمِينُ حَاكِمٍ، وَفِيهِمَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوَدَ عَلَيْهِمَا فِي الْأَحْوَالِ وَاجِبٌ لِاخْتِصَاصِ وِلَايَتِهِمَا بِمَالِهِ دُونَ بدنه.
والوجه الثاني: أنه يجري عليه حُكْمُ مَنِ اسْتَنَابَهُمَا لِقِيَامِهِمَا بِالِاسْتِنَابَةِ مَقَامَهُ فَإِنْ كَانَ وَصِيَّ أَبٍ أُجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَبِ إِذَا قَطَعَهَا، وَإِنْ كَانَ أَمِينَ حَاكِمٍ أُجْرِي عليه حكم الحاكم إذا قطعها.

(مسألة)
قال الشافعي: " وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ أَغْلَفُ أَوِ امْرَأَةٌ لَمْ تخفض فأمر السلطان فعزرا فماتا لَمْ يَضْمَنِ السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِمَا أَنْ يفعلا إلا أن يعزرهما في حر أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطٍ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مَنْ عُزِّرَ فِي مِثْلِهِ فَيَضْمَنُ عَاقِلَتُهُ الدِّيَةَ) .
قال الماوردي: أما الختان فرض وَاجِبٌ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

الصفحة 430