كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 13)

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى مَنْ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ الْمَعْصِيَةُ مِنَ الْمَلَكَيْنِ وَمِنْ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَيَكُونُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ {إِنَّمَا نَحْنُ فتنة} ي شَيْءٌ عَجِيبٌ مُسْتَظْرَفُ الْحُسْنِ كَمَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ فِتْنَةٌ وَهَذَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ فَلا تَكْفُرْ أَيْ فَلَا تَكْفُرْ بِمَا جِئْنَاكَ بِهِ وَتَطْرَحْهُ بَلْ صَدِّقْ بِهِ وَاعْمَلْ عَلَيْهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى مَنِ انْتَفَتْ مِنْهُ الْمَعْصِيَةُ مِنَ الْمَلَكَيْنِ أَوْ مِنْ هَارُوتَ وَمَارُوتَ فَعَلَى هَذَا هَلْ لِمَلَائِكَةِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ تَعْلِيمُ النَّاسِ السِّحْرَ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُمْ تَعْلِيمُ النَّاسِ السِّحْرَ لِيَنْهَوْا عَنْهُ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِهِ لِأَنَّهُمْ إِذَا جَهِلُوهُ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الِاجْتِنَابِ مِنْهُ كَالَّذِي لَا يَعْرِفُ الْكُفْرَ لَا يُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُمْ تَعْلِيمُ السِّحْرَ وَلَا إِظْهَارُهُ لِلنَّاسِ لِمَا فِي تَعْلِيمِهِ مِنَ الْإِغْرَاءِ بِفِعْلِهِ، وَقَدْ كَانَ السِّحْرُ فَاشِيًا تَعَلَّمُوهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ فَاخْتَصَّ الْمَلَكَانِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَيَكُونُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ إِنَّمَا نحن فتنة أَيِ اخْتِبَارٌ وَابْتِلَاءٌ وَفِي قَوْلِهِ فَلا تَكْفُرْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: فَلَا تَكْفُرْ بِالسِّحْرِ.
وَالثَّانِي: فَلَا تَكْفُرْ بِتَكْذِيبِكَ لِنَهْيِ اللَّهِ عَنِ السِّحْرِ ثُمَّ قال: {فيتعلمون منهما} فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِنْ هَارُوتَ وَمَارُوتَ.
وَالثَّانِي: مِنَ السَّحَرَةِ وَالْكَفَرَةِ {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المرء وزوجه} فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا بِالسِّحْرِ الَّذِي تعلمون.
وَالثَّانِي: يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا بِالْكُفْرِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ بِالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ مُفَرِّقٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ كَالرِّدَّةِ، ثُمَّ قال تعالى {وما هم بضارين به} من يَعْنِي بِالسِّحْرِ {مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ الله} ، فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِأَمْرِ اللَّهِ.
وَالثَّانِي: بِعِلْمِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: 102] يَعْنِي يَضُرُّهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَنْفَعُهُمْ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لمن اشتراه} يعني السحر بما يبذله للساحر {ماله في الآخرة من خلاق} فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِنْ نَصِيبٍ.
وَالثَّانِي: مِنْ دين.

الصفحة 92