كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 16)

(فصل: في من تقبل كتبه من القضاة) .
وَيُقْبَلُ كِتَابُ قَاضِي الرُّسْتَاقِ وَالْقَرْيَةِ كَمَا يُقْبَلُ كِتَابُ قَاضِي الْمِصْرِ.
وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ قَبُولِ كِتَابِ قَاضِي الرُّسْتَاقِ وَالْقَرْيَةِ وَجَعَلَ قَبُولَ الْكُتُبِ مَوْقُوفًا عَلَى قُضَاةِ الْأَمْصَارِ دُونَ الْقُرَى، لِأَنَّ قُضَاةَ الْأَمْصَارِ أَحْفَظُ لِنِظَامِ الْأَحْكَامِ مِنْ قُضَاةِ الرَّسَاتِيقِ وَالْقُرَى.
وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ لِقَبُولِ كُتُبِ الْقُضَاةِ شُرُوطٌ إِنْ وُجِدَتْ فِي كُتُبِ قُضَاةِ الْقُرَى قُبِلَتْ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي كُتُبِ قُضَاةِ الْأَمْصَارِ رُدَّتْ.
وَإِذَا كَانَتِ الْقَرْيَةُ قَرِيبَةً مِنَ الْمِصْرِ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَى أَهْلِهَا التَّحَاكُمُ إِلَى قَاضِي الْمِصْرِ كَانَ هُوَ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ.
وَجَرَوْا مِنْهُ مَجْرَى أَهْلِ الْمِصْرِ فَلَمْ يَجُزْ لِقَاضِي الْمِصْرِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ كِتَابَ قَاضٍ إِنْ كَانَ لَهُمْ فِي حُكْمٍ لَازِمٍ مَنْ شَهِدُوا بِحُكْمٍ عِنْدَ قَاضِيهِمْ وَيَقْدِرُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ عِنْدَ قَاضِي الْمِصْرِ.
وَإِذَا اتَّسَعَ الْمِصْرُ وَكَانَ ذَا جَانِبَيْنِ كَبَغْدَادَ وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جَانِبَيْهِ قَاضٍ منفرد برياسته لم يقبل كتاب قاض أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إِلَى قَاضِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فِي ثُبُوتِ الشَّهَادَةِ.
وَقُبِلَ فِي ثُبُوتِ الْإِقْرَارِ إِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ وَلَمْ يُقْبَلْ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ. لِأَنَّ مَا أَمْكَنَ الْحُكْمُ فِيهِ بِالْأَصْلِ لَمْ يجز أن يحكم فيه بالقرع كالشهادة على الشهادة يحكم فيها بشهود القرع مَعَ تَعَذُّرِ شُهُودِ الْأَصْلِ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا مَعَ إِمْكَانِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الصفحة 244