كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 16)
السهم الرابع، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ وَالسَّهْمُ الَّذِي يَلِيهِ، وَهُوَ الْخَامِسُ، وَبَقِيَ السَّهْمُ السَّادِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ.
ثُمَّ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ فِيمَا قل من السهام وكثر.
(فصل: [صفة القرعة] ) .
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا صِفَةُ الْقُرْعَةِ: فَهُوَ أَنْ تُؤْخَذَ رِقَاعٌ مُتَسَاوِيَةُ الْأَجْزَاءِ، وَيُكْتَبَ فِيهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى السِّهَامِ أَوْ مِنَ السِّهَامِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى الْأَسْمَاءِ، ثُمَّ يَجْعَلُهَا فِي بَنَادِقَ من طين متساوية الوزن وتلس عَلَى مِثَالٍ وَاحِدٍ، حَتَّى لَا تَتَمَيَّزَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهَا بِأَثَرٍ وَتُجَفَّفُ وَيُسْتَدْعَى لَهَا مَنْ لَمْ يَحْضُرْ عَمَلَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهَا، وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ عَبْدًا لَا يَفْطَنُ لِحِيلَةٍ كَانَ أَوْلَى، وَتُوضَعُ فِي حِجْرِهِ، وَتُغَطَّى ثُمَّ يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ مَا أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ مِنِ اسْمٍ أَوْ سَهْمٍ.
فَهَذَا أَحْوَطُ مَا يَكُونُ مِنَ الْقُرْعَةِ، وَأَبْعَدُهَا عَنِ التُّهْمَةِ.
وَالْأَصْلُ فِي الْقُرْعَةِ: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: 44] .
وقَوْله تَعَالَى فِي يُونُسَ {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 140] .
فَإِنْ لَمْ يَحْتَطْ فِي الْقُرْعَةِ بِمَا وَصَفْنَاهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى أَنْ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ بِحَصًى أَوْ أَقْلَامٍ جَازَ.
قَدْ حَكَى الْوَاقِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَسَّمَ غَنَائِمَ بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ وَكَتَبَ عَلَى إِحْدَاهَا " للَّه " وَكَانَتِ السُّهْمَانُ يَوْمَئِذٍ نَوًى ".
وَلَمَّا صَالَحَ بَنِي ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ بِخَيْبَرَ عَلَى الْكَتِيبَةِ وَالنَّطَاةِ جَزَّأَهُمَا خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فَكَانَتِ الْكَتِيبَةُ جُزْءًا فَجَعَلَ خَمْسَ بَعَرَاتٍ لِلسِّهَامِ الْخَمْسَةِ وَأَعْلَمَ أَحَدَهَا بِمَا جَعَلَهُ لِلَّهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ سَهْمَكَ فِي الْكَتِيبَةِ فَخَرَجَ سَهْمُ اللَّهِ عَلَى الْكَتِيبَةِ.
لَكِنْ مَا حَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الْقُرْعَةِ يَكُونُ أَخَفَّ حَالًا؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْحَيْفِ أَبْعَدَ وَلِلتُّهْمَةِ أَنْفَى.
وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الِاحْتِيَاطُ فِيمَا تَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ التُّهْمَةُ، كَذَلِكَ حُكْمُهَا بَعْدَهُ إِنْ كَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ تَنْتَفِي عَنْهُ التُّهْمَةُ كَانَ حُكْمُهَا أَخَفَّ.
وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ تَتَوَجَّهُ إليه التهمة كان حكمها أغلظ.
(فصل: [لزوم القسمة] )
فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْقَاسِمِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَدَبَهُ الْحَاكِمُ
الصفحة 254
351