كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 16)

وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ، رُدَّتْ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّاكِلِ، وَبَطَلَتِ الْقِسْمَةُ فِي حَقِّهِ إِذَا حَلَفَ. وَأُمْضِيَتْ فِي حَقِّ مَنْ حَلَفَ.
فَإِنْ أَرَادَ مُدَّعِي الْغَلَطِ عِنْدَ تَكْذِيبِهِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالْغَلَطِ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَتْ قِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ اتَّفَقَ عَلَيْهَا الشُّرَكَاءُ، لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ بِالْغَلَطِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَضِيَ بِأَقَلِّ مِنْ حَقِّهِ.
وَإِنْ كَانَتْ قِسْمَةً تَفَرَّدَ القاسم بها عن إِجْبَارٍ أَوْ مُرَاضَاةٍ بِاقْتِرَاعٍ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ بِالْغَلَطِ، وَحُكِمَ بِإِبْطَالِ الْقِسْمَةِ وَاسْتُؤْنِفَتْ عَلَى الصِّحَّةِ.
( [تَنَازُعُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِلَا بَيِّنَةٍ] )

(فَصْلٌ)
: وَإِذَا تَنَازَعَ الشَّرِيكَانِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ اقْتَسَمَاهَا، فَادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَهْمِهِ، وَعَدِمَا الْبَيِّنَةَ تَحَالَفَا عَلَيْهِ وَنُقِضَتِ الْقِسْمَةُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا.
وَقَالَ مَالِكٌ يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ صَاحِبِ الْيَدِ مَعَ يَمِينِهِ.
وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَهُ.
وَلَوْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَيْبًا فِي سَهْمِهِ، كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْقِسْمَةِ بِهِ، كَمَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
( [اسْتِحْقَاقُ الْمَقْسُومِ] ) .

(مَسْأَلَةٌ)
: قَالَ الشافعي: " وإذا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمَقْسُومِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهُمَا: فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ اقْتَسَمَهَا شَرِيكَانِ فِيهَا، ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَهَا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إِقْرَارٍ، فَلِلْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فِي الْمَقْسُومِ، فَإِنْ كَانَ وَاقِعًا فِي أَحَدِ السَّهْمَيْنِ، بَطَلَتْ بِهِ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ لِمَنِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فِي سَهْمِهِ أَنْ يَرْجِعَ فِي سَهْمِ شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ مِثْلِهِ، فَلَمْ تُفِدِ الْقِسْمَةُ مَا قُصِدَ بِهَا مِنَ الْإِحَازَةِ، فَلِذَلِكَ بَطَلَتْ.
وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ وَاقِعًا فِي السَّهْمَيْنِ مَعًا نُظِرَ فَإِنْ تَفَاضَلَ الْمُسْتَحَقُّ فِي السَّهْمَيْنِ بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنِ اسْتِحْقَاقِ الرَّاجِعِ.
وَإِنْ تَسَاوَى الْمُسْتَحَقُّ فِي السَّهْمَيْنِ مَعًا لَمْ تَبْطُلْ بِهِ الْقِسْمَةُ، وَأُمْضِيَتْ عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَقُّ مُشَاعًا فِي الْجَمِيعِ كَاسْتِحْقَاقِ ثُلُثِهَا مُشَاعًا، فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ فِي الثُّلُثِ الْمُسْتَحَقِّ.

الصفحة 261