كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 16)

فَإِنْ دَعَا أَحَدُهُمْ إِلَى ضَمِّ الْأَجْنَاسِ وَأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ جِنْسٍ مِنْهَا سَهْمًا مُعَدَّلًا، لِيَأْخُذَ أَحَدُهُمُ الْحِنْطَةَ، وَالْآخَرُ الشَّعِيرَ، وَالْآخَرُ الْإِبِلَ، وَالْآخَرُ الْغَنَمَ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقَعَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ إِجْبَارٌ، إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ، لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي كُلِّ جِنْسٍ. فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى إِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ إِجْبَارٌ.
فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ جَازَ كَالْمُرَاضَاةِ عَلَى الْبَيْعِ.
فَلَوْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنْوَاعٌ فَهُوَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَخْتَلِفَ مَنَافِعُهَا بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا كَالْغَنَمِ الَّتِي بَعْضُهَا ضَأْنٌ وَبَعْضُهَا مِعْزَى فَيَكُونُ اخْتِلَافُ أَنْوَاعِهَا كَاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا فَيُقْسَمُ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى انْفِرَادِهِ كَالْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَا تَخْتَلِفُ مَنَافِعُ أَنْوَاعِهِ كَالْحِنْطَةِ الَّتِي بَعْضُهَا عِرَاقِيَّةٌ وَبَعْضُهَا شَامِيَّةٌ فَهُوَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَخْتَلِفَ قِيمَةُ أَنْوَاعِهِ، فَيَصِيرُ كُلُّ نوع كالجنس بقسم عَلَى انْفِرَادِهِ، كَالْأَجْنَاسِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَتَمَاثَلَ قيمة أنواعه، ولا تتفاضل فيه وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَغْلِبُ حُكْمُ الْجِنْسِ لِتَمَاثُلِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الْإِجْبَارُ فِي إِفْرَادِ كُلِّ واحد بنوع.
والوجه الثاني: أن يَغْلِبُ حُكْمُ النَّوْعِ لِامْتِيَازِهِ، فَيُقْسَمُ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى انْفِرَادِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ.

(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا غَيْرُ الْمَنْقُولِ فَضَرْبَانِ: عَقَارٌ وَضِيَاعٌ.
فَأَمَّا الْعَقَارُ الْمَسْكُونُ فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا لَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ إِذَا تَمَيَّزَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ دَارَانِ فَيَدْعُو أَحَدُهُمَا إِلَى أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ دَارٍ لِأَحَدِهِمَا فَلَا إِجْبَارَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ تَمَاثَلَتْ أَثْمَانُهَا أَوْ تَفَاضَلَتِ اتصلت أو تباعدت وَالْإِجْبَارُ أَنْ تُقْسَمَ كُلُّ دَارٍ بَيْنَهُمَا.
فَإِنْ تَرَاضَى الشَّرِيكَانِ عَلَى أَنْ تَكُونَ إِحْدَى الدَّارَيْنِ لِأَحَدِهِمَا وَالْأُخْرَى لِلْآخَرِ جَازَ وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ مُنَاقَلَةً تَقِفُ عَلَى الِاخْتِيَارِ دُونَ الْإِجْبَارِ وَهِيَ كَالْبَيْعِ الْمَحْضِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ مَعَ تَمْيِيزِهِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ قَرْيَةٌ ذَاتُ مَسَاكِنَ، بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَيَدْعُو أَحَدُهُمَا إِلَى أَنْ يَقْسِمَ جَمِيعَ الْقَرْيَةِ، وَيَدْعُو الْآخَرُ إِلَى أَنْ يُقَسِّمَ كُلَّ مَسْكَنٍ مِنْهَا، فَقِسْمَةُ الْإِجْبَارِ وَاقِعَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْقَرْيَةِ، فَيُقَسَّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منها

الصفحة 264