كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 16)

نِصْفُهَا، بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ مَسَاكِنِهِ؛ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ حَاوِيَةٌ لِمَسَاكِنِهَا كَالدَّارِ الْجَامِعَةِ لِبُيُوتِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الْإِجْبَارُ فِي قِسْمَةِ الدَّارِ عَلَى بَيْتٍ مِنْهَا، كَذَلِكَ الْقَرْيَةُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا عَضَائِدُ مُتَّصِلَةٌ، أَوْ دَكَاكِينُ مُتَضَايِقَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا طَرِيقٌ فَفِي قِسْمَةِ كُلِّ عِضَادَةٍ وَكُلِّ دُكَّانٍ تَضْيِيقٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ كَالدُّورِ الْمُخْتَلِفَةِ فَلَا تَقَعُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فِيهَا إِلَّا فِي كُلِّ عِضَادَةٍ وَكُلِّ دُكَّانٍ، لِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِطَرِيقِهِ وَسُكْنَاهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَكُونُ كَالْقَرْيَةِ، تَقَعُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فِي جَمِيعِهَا نِصْفَيْنِ، وَلَا يُفْرَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْقِسْمَةِ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ وَاخْتِيَارٍ وَتَصِيرُ كَالدَّارِ ذَاتِ الْبُيُوتِ.

(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا الضِّيَاعُ الْمَزْرُوعَةُ وَالْمَغْرُوسَةُ فَتَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّصِلَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَتَتَمَاثَلَ فِي الثَّمَنِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالْمُؤْنَةِ، فَيَضُمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَتَقَعُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى جَمِيعِهَا كَالضَّيْعَةِ الْوَاحِدَةِ، كَضِيَاعِ الْقَرْيَةِ الَّتِي يَتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَلَا يَتَمَيَّزُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَفْتَرِقَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَلَا يَتَّصِلَ، فَقِسْمَةُ الْإِجْبَارِ وَاقِعَةٌ عَلَى كُلِّ ضَيْعَةٍ مِنْهَا، وَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ ضَيْعَةٍ إِذَا انْفَرَدَتْ حُكْمُهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: تَتَّصِلُ الضِّيَاعُ وَتَخْتَلِفُ إِمَّا فِي مَنْفَعَةٍ، فَيَكُونُ بَعْضُهَا شَجَرًا وَبَعْضُهَا مُزْدَرَعًا أَوْ يَكُونُ بَعْضُهَا كَرْمًا وَبَعْضُهَا نَخْلًا أَوْ تَخْتَلِفُ فِي مُؤْنَةٍ فَيَكُونُ بَعْضُهَا يَشْرَبُ سَيْحًا مِنْ نهر أو عين وبعضها يشرب بنضج أَوْ غَرْبٍ أَوْ تَخْتَلِفُ فِي الثَّمَنِ لِنَفَاسَةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ.
فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مِنْهَا إِنَّ قِسْمَةَ الْإِجْبَارِ وَاقِعَةٌ عَلَى كُلِّ ضَيْعَةٍ مِنْهَا وَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الْقِسْمَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا اتَّصَلَتْ جُمِعَتْ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ مَعَ اخْتِلَافِهَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إِنْ تَجَانَسَتْ جُمِعَتْ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ لَمْ تُجْمَعْ.
وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَثْمَانَهَا مُتَبَايِنَةٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَنَافِعَهَا مختلفة.

(مسألة)
: قال الشافعي: " وَتُقْسَمُ الْأَرَضُونَ وَالثِّيَابُ وَالطَّعَامُ وَكُلُّ مَا احْتَمَلَ القسم ".

الصفحة 265