كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 16)

وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: " كَيْفَ تَقْضِي إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ ".
قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ " فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ " قَالَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ " قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو قَالَ: فَضَرَبَ صَدْرَهُ وَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يرْضى رَسُولَ اللَّهِ ".
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا جَلَسَ الْقَاضِي لِلْحُكْمِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ يُسَدِّدَانِهِ فَإِنْ عَدَلَ أَقَامَا وَإِنْ جَارَ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ ".
وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَحَكَمَ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرَيْنِ.
وَقَلَّدَ الْقَضَاءَ فَوَلَّى عَلِيًّا قَضَاءَ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَقَالَ لَهُ: " إِذَا حَضَرَ الْخَصْمَانِ إِلَيْكَ فَلَا تَقْضِ لِأَحَدِهِمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ " قَالَ عَلِيٌّ فَمَا أَشْكَلَتْ عَلَيَّ قَضِيَّةٌ بَعْدَهَا وَقَدِمَ مِنْهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكَّةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَالِيًا وَقَاضِيًا وَقَالَ " يَا عَتَّابُ انْهَهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضُوا وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنُوا ".
وَقَلَّدَ مُعَاذًا قَضَاءَ بَعْضِ الْيَمَنِ وَقَالَ لَهُ مَا قَدَّمْنَاه.
وَقَلَّدَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ قَضَاءَ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَكَانَ يُشَبِّهُهُ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَكَانَ إِذَا أَسْلَمَ قَوْمٌ أَقَامَ عَلَيْهِمْ مَنْ يُعَلِّمُهُمْ شَرَائِعَ الدِّينِ وَيَقْضِي بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ.
وَقَدْ حَكَمَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَيْنَ النَّاسِ وَقَلَّدُوا الْقُضَاةَ وَالْحُكَّامَ.
فَحَكَمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ النَّاسِ وَاسْتَخْلَفَ الْقُضَاةَ وَبَعَثَ أَنَسًا إِلَى الْبَحْرَيْنِ قَاضِيًا.
وَحَكَمَ عُمَرُ بَيْنَ النَّاسِ، وَبَعَثَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ إِلَى الْبَصْرَةِ قَاضِيًا، وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ إِلَى الْكُوفَةِ قَاضِيًا.
وَحَكَمَ عُثْمَانُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَلَّدَ شُرَيْحًا الْقَضَاءَ.
وَحَكَمَ عَلِيٌّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِلَى الْبَصْرَةِ قَاضِيًا وَنَاظِرًا.
فصار ذلك من فعلهم إجماعا.

الصفحة 6