كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 18)
المغلب فيها مع التعيين حكم الصفة، ولأن لَمْ يَكُنِ الْخَلْعُ أَقْوَى لِكَوْنِهِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ لَمْ يَكُنْ أَضْعَفَ مِنْ مُجَرَّدِ الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ.
فَصْلٌ
وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ عِنْدَ دَفْعِ العرض الَّذِي عُيِّنَ فِي الظَّاهِرِ: أَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ اسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ، وَاخْتَلَفَ الْمُكَاتَبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالَ السيد: أردت عتقه بالعرض الَّذِي أَدَّاهُ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: بَلْ أَرَادَ عِتْقِي ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إِنِّي أَرَدْتُ مَا ظَنَنْتُهُ فِي عِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ، لِأَنَّهُ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ فِي الظَّاهِرِ وَقَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ: أَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ: أَرَدْتُ بِالْعِتْقِ مَا كَانَ مِنْ ظَاهِرِ الْأَدَاءِ، فَفِي قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ وَجْهَانِ مُحْتَمَلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ مِنْهُ قَبْلَ وُجُودِ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يُقْبَلُ مِنْهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ، لِأَنَّهُ فِي الْحَالَيْنِ عَلَى سَوَاءٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكَاتَبِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ الْعِتْقَ بِالْأَدَاءِ قَدِ استقر ظاهره بنقص زَمَانِهِ، فَصَارَ لِمَا تَجَدَّدَ بَعْدَهُ مِنْ لَفْظِ الْعِتْقِ حُكْم مُبْتَدَأ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الصفحة 301