كتاب هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا

ضامرة، وإن واجه المخالف له بدأ يسخر ويطعن ويجرح، وإن لقي ندًّا هوَّن من أمره، وكشف من عيوبه ما يظهر فضله عليه، فتجد وراء هذا الفكر البرَّاق مرضًا أخلاقيًّا خطيرًا، فعلمنا - بفطرتنا - أيضًا أن في كلٍّ من الفريقين ميزة، كما في كل من الفريقين نقص وخلل.
ثم إن الكتابات التي خدمت الفكر الإسلامي وخاطبت العقل وسعت لنشر الوعي وتعميق المفاهيم، هذه الكتابات ملأت الساحة الثقافية، وأُتْخِمت بها المكتبات، وتدور بها المطابع كل يوم، بينما لم تحظَ التربية الأخلاقية بهذا القدر من الاهتمام، وكان ما يُكتَب فيها نادرًا، وربما كانت الكتابة في المجال الأخلاقي محدودةَ المواضيع لا تحتمل الكثير من التجديد لا في المحتوى ولا في الأسلوب، غير أن الهدف الأخلاقي يمكن أن يشارك في تعميق غورِه كلُّ كاتب إسلامي من خلال المقالة أو القصة أو الشعر، بحيث تغطي مسحة الأخلاق كل صور التعبير الأدبي والفكري. ولست أعني أن الكتابة عن الأخلاق هي التي ستعدِّل الأخلاق.
إن التربية الأخلاقية تؤخذ بالمعايشة والقدوة والمواقف الحياتية، وما الكتابة عن الأخلاق سوى إشاراتٍ تدل على الطريق، وتُذكِّر بالقيم، وترفع الأبصار إلى القمم، لنرى البون الشاسع بين ما نحن فيه وما ينبغي أن نكون عليه، وحين نحس بأزمتنا التربوية، ومشكلتنا الأخلاقية، وحاجتنا المُلِحَّة إلى التأديب والتهذيب، عندئذٍ قد نضع أقدامنا على بداية الطريق بمجاهدة النفس وحسن الصحبة والتناصح ومجالسه الصالحين.
إن الواقع العملي لحملة الفكر الإسلامي على اختلاف مشاربهم

الصفحة 12