كتاب هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا

فلما تُوفِّي النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلمنا، وانبسطنا) (¬1)، يقول ابن حجر: (قوله (فلما توفي) يشعر بأن الذي كانوا يتركونه كان من المباح، الذي يدخل تحت البراءة الأصلية) (¬2)، فمن أراد السلامة فليجتنب مجالس الغِيبة، وليحفظ لسانه من الزلات، ولا يقولن إلاّ خيرًا، وليتواصَ وإخوانه بحفظ اللسان، وليستعِنْ بالله فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم أصحابه الاستعاذة بالله من شر اللسان: «قل أعوذ بك من شر سمعي، وشرِّ بصري، وشرِّ لساني، وشرِّ قلبي، وشرِّ منيِّي» (¬3) يستعيذ بالله من أن يكون شر لسانه على المسلمين، أو أن يكون حلو كلامه مع غيرهم، فهذا والعياذ بالله من الانتكاس واختلال الموازين.
وقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أي الإسلام أفضل؟» قال: «مَن سلِم المسلمون من لسانه ويده» (¬4)، أفلا يطمح المؤمن أن يكون من ذوي الإسلام الأفضل! بأن يجعل سلاطة لسانه على أعداء الله، وحلو كلامه وحسن حديثه للمسلمين، فإنَّ «أحب الأعمال إلى الله حفظ اللسان» (¬5).
ومن حفظ اللسان: حمايته عن الخوض فيما لا ينبغي ولا يهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجّه المسلم لاغتنام طاقاته في المهمات: «من حسن
¬_________
(¬1) صحيح البخاري - كتاب النكاح - باب 80 - الحديث 5187 (الفتح 9/ 253).
(¬2) فتح الباري 9/ 254.
(¬3) صحيح سنن النسائي 3/ 1108 - كتاب الاستعاذة - باب 4 - الحديث 5031 (صحيح).
(¬4) صحيح البخاري - كتاب الإيمان - باب 5 - الحديث 11 (الفتح 1/ 54).
(¬5) عن فتح الباري 11/ 309 حيث عزاه ابن حجر إلى أبي الشيخ في كتاب الثواب، والبيهقي في الشعب.

الصفحة 429