باللين. وقد تعجبت السيدة عائشة من موقف رسول - صلى الله عليه وسلم - حين استأذن رجل بالدخول عليه، فنعته بقوله: «بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام ..» (¬1)، وليس عجيبًا أن يكون هذا شأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهو القائل: «الكلمة اللينة صدقة» (¬2)، ولما سأل رجل رسول - صلى الله عليه وسلم - عن أفضل الأعمال أوجزها له في صفات ذكر منها: «لين الكلام وبذلك الطعام» (¬3).
وإذا كان قصدنا الفوز برضا الله، والنجاة من النار، فإن المسلم لينال باللين ما لا يناله بالغلظة والشدة، كما في الحديث: «حُرِّم على النار: كل هيِّن ليِّن سهل، قريب من الناس» (¬4).
ويمكن أن يكون تكلف السلوكيات اللينة مدخلًا إلى اكتساب اللين القلبي، فقد شكا رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قسوة قلبه فقال له: «إن أردت أن يَلِين قلبك؛ فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم» (¬5).
وكثيرًا ما يُحرِّش الشيطان في الصدور، حتى في لحظة القيام للصلاة، وتسوية الإمام للصفوف، بتأخير هذا وتقديم ذاك، إلى أن يستقيم الصف، وقد كان من وصيته - صلى الله عليه وسلم - قبل الدخول في الصلاة: «ولِينوا في أيدي إخوانكم» (¬6)؛ لأن إقامة الصفوف وسد الخلل
¬_________
(¬1) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب 48 - الحديث 6045 (فتح الباري 10/ 471).
(¬2) مسند أحمد 2/ 312.
(¬3) مسند أحمد 4/ 204.
(¬4) مسند أحمد 1/ 415 وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3135.
(¬5) مسند أحمد 2/ 262 وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم 1410.
(¬6) مسند أحمد 2/ 98 وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 1187 ورواه أبو داود.