كتاب حاشية الروض المربع (اسم الجزء: 1)

يلتفتوا إلى خلاف أحد، بل أنكروا على من خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كائنا من كان، ولا يجوز تعليل الأحكام بالخلاف، فإن تعليلها بذلك علة باطلة في نفس الأمر، فإن الخلاف ليس من الصفات التي يعلق الشارع بها الأحكام في نفس الأمر وإنما ذلك وصف حادث بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وليس يسلكه إلا من لم يكن عالما بالأدلة الشرعية في نفس الأمر، لطلب الاحتياط.

تدوينها
حكاية القولين والثلاثة إنما دونت لفائدة، وهي التنبيه على مدارك الأحكام، واختلاف القرائح والآراء، وربما يستنير أهل العلم ممن بعدهم بما فيها من الآراء، وربما يظهر من مجموعها ترجيح بعضها، وذلك من المطالب المهمة، والقياس أن لا تدون تلك الأقوال، وهو أقرب إلى ضبط الشرع، إذ ما لا عمل عليه لا حاجة إليه، فتدوينه تعب محض، ولكن جرت طريقة أهل العلم في طلب أقوال العلماء، وضبطها والنظر فيها، وعرضها على الكتاب والسنة، فما وافق ذلك قبلوه وقضوا به وإلا لم يلتفتوا إليه وردوه، وما لم يتبين لهم كان عندهم من مسائل الاجتهاد التي غايتها أن تكون سائغة الاتباع، ولا واجبة الاتباع، من غير أن يلزموا بها أحدا، ولا يقولوا إنها الحق دون ما خالفها، بل قد نهونا عن الأخذ بما يخالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل منهم يدعو إلى متابعة الكتاب والسنة، وكانوا أول العاملين بها، الداعين إليها، ولم يكتبوا كتبا بآرائهم في الدين، يكلفون الناس العمل بها، والكتب المنسوبة إليهم إنما كتبها خلفهم، لنشر آرائهم، وإظهار اجتهادهم ورأى بعضهم من يكتب عنه كل ما يقول فنهاه، وقال أتكتب عني رأيا فتجعله دينا للناس؟ وربماأرجع عنه غدا.

ما لا يجوز نقله
لا يجوز لمطلع على قول مخالف لأصل شرعي، من كتاب أو سنة أو إجماع
نقله للناس إلا للتنبيه عليه، ولا يجوز له أن يفتي به في دين الله، فإن الفتوى بغير

الصفحة 16