كتاب حاشية الروض المربع (اسم الجزء: 2)

بسم الله الرحمن الرحيم
باب صفة الصلاة (¬1)

يسن الخروج إليها بسكينة ووقار (¬2) .
¬__________
(¬1) أي كيفيتها، وهي الهيئة الحاصلة للصلاة، وبيان ما يكره فيها، وأركانها وواجباتها وسننها، وما يتعلق بذلك، إذ الشيء لا يعرف إلا ببيان حقيقته، ولا يوجد إلا بركنه، وعند شرطه، ولا يفعل إلا لحكمه، وحكمها سقوط الواجب عن ذمته في الدنيا، والثواب في الآخرة، إذ حكم الشيء هو ما يفعل لحكمة، والصفة لغة المصدر، يقال وصف الشيء يصفه صفة نعته بما فيه، من: وصف الثوب الجسم إذ أظهر حاله وبين هيئته، والصفة الأمارة القائمة بذات الشيء الموصوف، كالعلم والسواء.
(¬2) وخوف وخشوع، والسكينة السكون والمهابة، والطمأنينة، والتأني في الخروج، واجتناب العبث، والوقار بفتح الواو: الرزانة والحلم والعظمة بغض الطرف وخفض الصوت، وقلة الإلتفات، وقد وقر يقر وقارا ووقر فهو وقور. وقال القرطبي: الوقار بمعنى السكينة، ذكره على سبيل التأكيد.
وقال النووي: بينهما فرق. فالسكينة التأني في الحركات، واجتناب العبث، والوقار في الهيئة كغض الطرف وخفض الصوت، لما في الصحيحين «إذا أتيتم الصلاة» وفي لفظ: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» .
ولمسلم: «فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة» وقال ابن القيم: السكينة هي التي تورث الخضوع والخشوع وغض الطرف، وجمعية القلب على الله، بحيث يؤدي عبوديته بقلبه وبدنه، والخشوع نتيجة هذه السكينة وثمرتها،
وخشوع الجوارح نتيجة خشوع القلب، وسببها مراقبة العبد لربه حتى كأنه يراه اهـ.
وينبغي ألا يتكلم بمستهجن ولا يتعاطى ما يكره، للخبر، وقوله {فاسعوا} أي اقصدوا واهتموا، ليس المراد السعي السريع، وإنما هو الاهتمام بها. وقال أحمد: فإن طمع أن يدرك التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع، ما لم تكن عجلة تقبح. وقال الشيخ: إن خشي فات الجمعة أو الجماعة بالكلية فلا ينبغي أن يكره له الإسراع، لأن ذلك لا ينجبر إذا فات اهـ. ويسن كونه متطهرا، لقوله عليه الصلاة والسلام «إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج عامدا المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة» رواه أبو داود وغيره، ويستحب المحافظة على إدراك تكبيرة الإحرام، بأن يتقدم إلى المسجد قبل وقت الإقامة، وقد جاء في فضل إدراكها آثار كثيرة، وأصح ما قيل تدرك به بأن يحضر تكبيرة الإحرام.

الصفحة 3