كتاب حاشية الروض المربع (اسم الجزء: 2)

لقول ابن عباس: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم (¬1) ولا يكف شعرا ولا ثوبا (¬2) الجبهة واليدين والركبتين والرجلين متفق عليه (¬3) .
¬__________
(¬1) العظم جمعه عظام، ويسمى كل واحد عظما وإن اشتمل على عظام باعتبار الجملة، وعرفه الأطباء بأنه عضو بسيط يبلغ صلابته إلى حد لا يمكن ثنيه وللترمذي وصححه، إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وركبتاه وكفاه وقدماه، قال: وعليه العمل عند أهل العلم.
(¬2) جملة معترضة بين المجمل والمبين أي لا يجمع ثيابه ولا شعره.
(¬3) الجبهة هي مستوى ما بين الحاجبين إلى الناصية، واحتج بعضهم بهذا على وجوبه على الجبهة دون الأنف، وفي الصحيحين أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، وأشار بيده على أنفه، ولمسلم الجبهة والأنف، وله أيضا إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك وللترمذي أمر بوضع اليدين ونصب المرفقين وقال: وهو الذي أجمع عليه أهل العلم، واختاروه، والرجلان هما القدمان، وفي رواية والقدمين، وفي رواية أخرى، وأطراف القدمين، وهو مبين للمراد من الرجلين، والحديث ظاهر الدلالة على وجوب السجود على هذه الأعضاء، إذ هو غاية خشوع الظاهر وأجمع العبودية لسائر الأعضاء، بل فرض أمر الله به ورسوله وبلغه الرسول الأمة بقوله وفعله، ومن كماله مباشرة مصلاه بأديم وجهه
فيعفره في التراب استكانة وتواضعا، واعتماده على الأرض بحيث يناله ثقل رأسه، وارتفاع أسافله على أعاليه، وفي السنن فيسجد فيمكن وجهه، حتى تطمئن مفاصله، وتسترخي، ولذلك إذا رأى الشيطان ابن آدم ساجدا اعتزل ناحية يبكي، ويقول: يا ويله، أمر بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت، فلي النار، وفي الأثر: ما من حالة يكون عليها العبد أحب إلى الله من أن يراه ساجدا، يعفر وجهه بالتراب، وثبت من طرق ما سجد العبد لله سجدة إلا رفع له بها حسنة، وحط عنها بها خطيئة والحث على السجود وذكر فضله وعظيم أجره معلوم من الدين بالضرورة، وهو سر الصلاة وركنها الأعظم، وخاتمة الركعة، وما قبله من الأركان كالمقدمة إليه، والساجد أقرب ما يكون إلى الله، فأفضل الأحوال حال يكون فيها أقرب إلى الله.

الصفحة 51