كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)
* قال بَدْرُ الدِّينِ (¬١) -بعد أن حكى عن ابنِ خَرُوفٍ (¬٢) موافقةَ الكوفيين (¬٣) في جواز تثنية "أَجْمَع" و"جَمْعاء"، وأنه قال: لا مانعَ منه- ما نصُّه: وعندي أن ثَمَّ ما يمنع منه، وهو أن مِنْ شرط صحة المثنى جوازَ تجريدِه من علامة التثنية، وعطفِ مِثْلِه عليه، وعلى هذا لا يجوز: جاء زيدٌ وعمرٌو أجمعان؛ لأنه لا يصح أن تقول: جاء أجمعُ وأجمعُ؛ لأن المؤكَّد بـ"أَجْمع" كالمؤكَّد بـ"كُلّ" في كونه لا بدَّ أن يكون ذا أجزاءٍ يصح وقوعُ بعضِها موقعَه (¬٤).
وإن (¬٥) يفدْ توكيد منكور قُبِلْ ... وعن نحاةِ البصرة المنع شمِل
(خ ١)
* قولُه: «وإنْ يُفِدْ»: ابنُ عُصْفُورٍ (¬٦): أجاز كـ (¬٧) تأكيدَ النكرة بشرطين: أن تكون متبعِّضةً، ويكونَ التأكيدُ بـ"كُلٍّ" وما في معناها، نحو: أكلت رغيفًا كلَّه، ولا يجوز: أكلت رغيفًا نفسَه؛ لأنك في: ضربت زيدًا نفسَه أفدتَّ رفعَ المجاز عن ذات "زيد"، وذلك منتفٍ في النكرة؛ إذ فائدةُ: رأيت رجلًا و: رأيت رجلًا نفسَه؛ واحدةٌ.
والشرطان مستفادان من قوله:
«وإنْ يُفِدْ توكيدُ منكورٍ قُبِلْ»
فإن قلت: ولهذا عَدَلَ عن أن يقول: محدود؟
قلت: لا؛ لأن تأكيد المحدود لا يفيد إلا في ذلك أيضًا، وهي المسألة بعينها،
---------------
(¬١) شرح الألفية ٣٦١.
(¬٢) شرح الجمل ١/ ٣٣٨.
(¬٣) ينظر: شرح الكافية الشافية ٣/ ١١٧٨، وشرح الكافية للرضي ٢/ ٣٧١، والتذييل والتكميل ١/ ٢٢٤، وارتشاف الضرب ٤/ ١٩٥٢.
(¬٤) الحاشية في: ظهر الورقة الأولى الملحقة بين ٢٢/ب و ٢٣/أ.
(¬٥) تقدم هذا البيت في المخطوطة على البيت الذي قبله، وفوقه: «مؤخَّر»، وتقدَّم التنبيه على ذلك في التعليق على البيت السابق.
(¬٦) شرح جمل الزجاجي ١/ ٢٦٧، ٢٦٨.
(¬٧) ينظر: الإنصاف ٢/ ٣٦٩، وشرح التسهيل ٣/ ٢٩٦، وشرح الكافية للرضي ٢/ ٣٧٣.