كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)
(خ ٢)
* قال ابنُه (¬١): مذهبُ الكوفيين (¬٢) أنه يجوز توكيد النكرة المحدودة، مثل: يوم، وليلة، وشهر، وحَوْل، ممَّا يدلُّ على مُدَّةٍ معلومةِ المقدارِ، ولا يجيزون توكيدَ النكرة غيرِ المحدودة، كـ: حين، ووقت، وزمان، ممَّا يصلح للقليل والكثير؛ لأنه لا فائدةَ لتأكيده.
قلت: في كلامه أمران:
أحدهما: أنه يدل دلالةً ظاهرةً على أن النكرة المفيدَ توكيدُها لا تكون إلا اسمَ زمانٍ، وفيه نظرٌ؛ لقوله (¬٣):
أَرْمِي عَلَيْهَا وَهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ (¬٤)
ويقوِّي ذلك من كلامه أيضًا: أنه استَدل بعد ذلك على صحة قول الكوفيين بأمرين: أحدهما: السماع، والثاني: مَسِيسُ الحاجة إلى استعمالِ نحوِ: صمت شهرًا كلَّه، والسماعُ لم يَرِدْ به إلا في أسماء الزمان، وفي كلام أبيه في "شرح التَّسْهِيل" (¬٥) ما يخالف ذلك (¬٦).
والثاني: أن ظاهر كلامه أن تأكيد النكرة المحدودة يفيد تأكيدَها دائمًا، وليس كذلك، بل شرطُه: أن يكون من ألفاظ الإحاطة (¬٧).
* ع: مثالُه في "اليوم": قولُه (¬٨):
---------------
(¬١) شرح الألفية ٣٦٠.
(¬٢) ينظر: الإنصاف ٢/ ٣٦٩، وشرح التسهيل ٣/ ٢٩٦، وشرح الكافية للرضي ٢/ ٣٧٣.
(¬٣) لم أقف له على نسبة.
(¬٤) بيت من مشطور الرجز، تقدَّم قريبًا.
(¬٥) ٣/ ٢٩٦.
(¬٦) إذ أجازه في توكيد غير أسماء الزمان إذا كان مفيدًا، مثل: هذا أسدٌ نفسُه، وهذا درهمٌ عينُه.
(¬٧) الحاشية في: ١٠٦.
(¬٨) لم أقف له على نسبة.