كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)
لمتصل لا فرق بين توكيده بـ"النفس" أو بـ"العين" وبين توكيده بغيرهما في عدم وجوب الفصل بالضمير المنفصل، تقول: رأيتك نفسَك، ومررت بك عينِك، كما تقول: رأيتهم كلَّهم، ومررت بهم كلِّهم، وإن شئت قلت: رأيتك إيَّاك نفسَك، ومررت بك أنت عينِك، فتؤكِّدَ بالمعنوي بعد اللفظي.
قلت: أخطأ من وجهين:
الأول: أن الكلام في الفصل بالضمير المرفوع، فلا يصح تمثيلُه بالمنصوب.
والثاني: أن ما مثَّل به عند ص بدلٌ لا تأكيدٌ (¬١) (¬٢).
وما من التوكيد لَفْظي يجيْ ... مكرّرًا كقولكَ ادرجي ادرجي
(خ ٢)
* لَمَّا أنهى القولَ في التوكيد المعنوي شَرَعَ في التوكيد اللفظي، وهو تكرار معنى المؤكَّد بإعادة لفظه، أو ذِكْرِ مرادفِه، فالأول: نحو: {صَفًّا صَفًّا} (¬٣)، والثاني: نحو: أنت بالخير حقيقٌ قَمِنٌ (¬٤)، و: قمتم أنتم.
وعلى هذا ينبغي حملُ قولِه: «مكرَّرا» ليشمل القسمين، وبذلك فسَّر ابنُه (¬٥) كلامَه، إلا أنه قال: أو تقويته بمرادفه، وفي ذكر التقوية أمران:
أحدهما: إيهام كونِ التكرار ليس تقويةً.
والثاني: أن التقوية فائدةٌ، والكلامُ في الحدِّ لا في الفائدة، وسنذكر الفائدةَ بعدُ.
وفائدةُ التوكيد اللفظي: قصدُ التقرير؛ خوفًا من أمرٍ من أمورٍ ثلاثةٍ، وهي:
---------------
(¬١) ينظر: الكتاب ٢/ ٣٨٦، وشرح التسهيل ٣/ ٣٠٥، وشرح الكافية للرضي ٢/ ٣٦٥، ٣٧٣.
(¬٢) الحاشية في: ١٠٧.
(¬٣) الفجر ٢٢.
(¬٤) أي: جدير، كما في: القاموس المحيط (ق م ن) ٢/ ١٦١٠، وليس هذا شطرَ بيتٍ من الرمل، وإن جاء على وزنه، بل هو من مُثُل ابن مالك في شرح الكافية الشافية ٣/ ١١٨٤، حيث قال: «كقولك: أنت بالخير حقيقٌ قَمِن».
(¬٥) شرح الألفية ٣٦٢.