كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)
ذاهبون، والثالث: نحو: {لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ} (¬١).
وإن كان ضميرًا متصلًا وأُكِّد بإعادة لفظه؛ وجب عَمْدُ المؤكِّد بما عُمِدَ به المؤكَّد، نحو: قمت قمت، وأكرمك أكرمك زيدٌ، ومررت بك بك.
وأما الفعل فلكونه مع الفاعل كالكلمة الواحدة؛ كان الغالبُ ألَّا يؤكَّدَ إلا مع فاعله، فإن كان الفاعل ضميرًا جيء به بعينه، كقوله:
... «ادْرُجِي ادْرُجِي»
أو ظاهرًا، فالأكثرُ أن يُجاء بضميره، نحو: قام أخواك قا (¬٢)؛ دفعًا لقبح التكرار.
وعلى هذا فقولُك: قام أخواك قام أخواك؛ لا يُدرى فيه: هل المراد تأكيدُ الجملة أم المؤكَّدُ الفعلُ فقط، وجاء الفاعل للغرض الذي ذكرناه؟ أما: قام أخواك [قاما] (¬٣)؛ فإنما يَقْوَى في النفس أنه ليس إلا تأكيدًا للفعل خاصةً، بدليل المجيءِ بالفاعل على هذه الصورة، أعني: المجيءَ بالفاعل على وجهٍ يُؤْذِن بأن المقصود ليس إلا شَغْلُ الفاعل بشاغلٍ مَّا، لا على وجهِ أنه مقصود لذاته.
وقد يؤكَّد الفعلُ بدون فاعله، كقوله (¬٤):
أَتَاكِ أَتَاكِ اللَاحِقُونَ احْبِسِ احْبِسِ (¬٥)
وأما الحرف فإما أن يكون جوابيًّا أو لا: إن كان جوابيًّا أُكِّد مع الفصل بالجملة المجابِ بها والمجيءِ بها متصلةً بالمؤكِّد أيضًا، وبعَدَمِهما (¬٦) أو أحدِهما، فيقال: نَعَمْ قام زيدٌ نَعَمْ قام زيدٌ (¬٧)، ونَعَمْ نَعَمْ، ونَعَمْ قام زيدٌ
---------------
(¬١) الأنبياء ٥٤.
(¬٢) كذا في المخطوطة، والصواب: قاما.
(¬٣) ما بين المعقوفين ليس في المخطوطة، والسياق يقتضيه.
(¬٤) لم أقف له على نسبة.
(¬٥) عجز بيت من الطويل، تقدَّم في باب النعت.
(¬٦) أي: وبعدم المجيء بالجملة مرتين متصلةً بالمؤكَّد والمؤكِّد، فهي جملة واحدة مكررة، فعدَّها جملتين تجوُّزًا.
(¬٧) قوله: «قام زيد» مكرر في المخطوطة.