كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

وعن بعض البصريين أن "حبَّذا" خبرٌ (¬١) مقدَّمٌ، نقله الفارِسيُّ (¬٢)، ولم يرضَه.
وقال الفارِسيُّ في "شرح الأَبْيات" (¬٣): مَنْ زعم أن "حَبَّ ذا" كلمةٌ واحدة ينبغي له أن يغلِّب حكمَ الاسم؛ لأنه الأقوى، فيعربَ "زيدًا" خبرًا للمبتدأ، لا فاعلًا.
وأجاز الصَّيْمَريُّ (¬٤) في رفع "زيد" بعد "حبَّذا" ثلاثةَ أوجهٍ: أن يكون مبتدأً وخبرُه "حبَّذا"، والعكسَ، وأن يكون خبرًا والمبتدأُ محذوفٌ، كما كان في: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ.
ومذهبُ دُرَيْوِدٍ (¬٥) أن "ذا" زائدةٌ، لا اسمُ إشارةٍ، بدليل حذفِها في قول [ابنِ] (¬٦) رَوَاحَةَ:
فَحَبَّذَا رَبًّا وَحَبَّ دِينَا (¬٧)

قلنا: استَعمل "حَبَّ" على الأصل، مثلُها في قوله (¬٨):
وَحُبَّ بِهَا مَقْتُولَةً (¬٩) ... ...
---------------
(¬١) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.
(¬٢) لم أقف على كلامه.
(¬٣) كتاب الشعر ١/ ٩٧.
(¬٤) التبصرة والتذكرة ١/ ٢٨٠.
(¬٥) ينظر: ارتشاف الضرب ٤/ ٢٠٦٠. ودُرَيْوِد تصغير دَرْوَد لقب عبدالله بن سليمان بن المنذر القرطبي الأندلسي، عالم بالنحو والأدب، وكان كفيفًا، له: شرح كتاب الكسائي، توفي سنة ٣٢٤. ينظر: طبقات النحويين واللغويين ٢٩٨، وبغية الوعاة ٢/ ٤٥.
(¬٦) ما بين المعقوفين ليس في المخطوطة، والسياق يقتضيه.
(¬٧) بيت من مشطور الرجز. ينظر: الديوان ١٤٢، وجمهرة اللغة ٢/ ١٠١٩، وشرح التسهيل ٣/ ٢٤، والتذييل والتكميل ١٠/ ١٥٧، والمقاصد النحوية ٤/ ١٥٢٥.
(¬٨) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت. وقائل البيت هو الأخطل.
(¬٩) بعض بيت من الطويل في وصف الخمر، وهو بتمامه:
فقلت: اقتُلوها عنكمُ بمِزَاجها ... وحُبَّ بها مقتولةً حين تُقتَلُ

روي: «وأَطْيِبْ» بدل «وحُبَّ»، ولا شاهد فيه. مقتولة: ممزوجة. ينظر: الديوان ٢٣، وإصلاح المنطق ٣٣، والبصريات ٢/ ٨٢٩، وأمالي ابن الحاجب ١/ ٤٥٥، والمقاصد النحوية ٤/ ١٥٢٣.

الصفحة 917