كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

يَا حَبَّذَا المَالُ مَبْذُولًا بِلَا سَرَفٍ ... فِي أَوْجُهِ البِرِّ إِسْرَارًا وَإِعْلَانَا (¬١)

قال: وتستعمل "حَبَّ" مع غير "ذا"، فيتجدَّد لها مور (¬٢): جواز جرِّ فاعلها بالباء، وقلةُ الاستغناء عن تمييزٍ، لاسيَّما عند جرِّ الفاعل، ولزومُ الاكتفاء بالفاعل عن المخصوص، وجوازُ ضمِّ فائِها (¬٣).
* ابنُ عُصْفُورٍ (¬٤): المنصوبُ بعد "حبَّذا" تمييزٌ، أجامدًا كان أو مشتقًّا؛ لصحة دخول "مِنْ".
ابنُ الحاجة (¬٥): الصوابُ أنه إذا لم تدخل "مِنْ" يَحتمل الحالَ والتمييزَ، فهما معنيَّان مقصودان، ويد (¬٦) على جواز الحال: أنه يصح أن يقال: حبَّذا زيدٌ في حالةِ كَوْنِه، فهذا تصريحٌ بالحال، ولا مانعَ يمنعُ منه، وإن كنت لا أحفظه.
وإذا كان حالًا؛ فإن كان صاحبُها المخصوصَ لم تكن الحال رجلًا ونحوَه من أسماء الأنواع؛ لأنه لا فائدة في الحال، وليس موضعَ تأكيدٍ، وصَلُح أن يكون ما فيه فائدةٌ، جامدًا كان أو مشتقًّا، والأحسنُ في هذا عندي أن يكون بعد المخصوص.
وإن كان صاحبُها "ذا" صَلُح على كل حالٍ؛ لأن فيه فائدةً من حيث إنك بيَّنت هذا المبهمَ أهو رجلٌ أو راكبٌ؟
والفرق بين الحال فيهما: أنه إن كان فاعلُ "ذا" صاحبَها فهي مساوية لِمَا تعطيه "ذا" من العموم؛ لأنه ليس مدلولُ "ذا" مدلولَ مخصوصٍ.
ويجوز عندي على هذا أن يكون المنصوب في: نِعْمَ رجلًا حالًا، وقد جوَّز ذلك
---------------
(¬١) بيت من البسيط. ينظر: شرح التسهيل ٣/ ٢٨، والتذييل والتكميل ١٠/ ١٦٨، ومغني اللبيب ٦٠٣.
(¬٢) كذا في المخطوطة، والصواب ما عند ياسين: أمور.
(¬٣) الحاشية في: ٩٣، ونقلها ياسين في حاشية الألفية ١/ ٤٩٩، ٥٠٠، ٥٠١ مفرقة، ولم يعزها لابن هشام.
(¬٤) المقرب ١٠٧.
(¬٥) كذا في المخطوطة، والصواب ما عند ياسين: الحاج. ولم أقف على كلامه.
(¬٦) كذا في المخطوطة، والصواب: ويدلُّ.

الصفحة 921