كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

............... ... وَأَضْرَبُ مِنَّا بِالسُّيُوفِ القَوَانِسَا (¬١)

فقد أَبْعدتَّ المتناوَلَ وهو قريبٌ، حيث أَبَيْتَ كونَ "أَحْصى" فعلًا، ثم رَجَعت إلى إضماره.
ح: "أَفْعَلُ" التفضيلِ يعمل نصًّا في التمييز بلا نزاعٍ، نحو: زيدٌ أَقْطَعُ الناسِ سيفًا، و: أَقْطَعُ للهَامِ سيفًا، فـ"أَمَدًا" كذلك.
وقولُه: إنه لا ينتصب بـ"لَبِثوا" أجازه الطَّبَريُّ (¬٢)، وردَّه ابنُ عَطِيَّةَ (¬٣)، وقد يتَّجهُ؛ لأن "ما لَبِثوا" مبهمٌ، و"الأَمَدُ" الغايةُ، ويكون عبارةً عن المدَّة من حيث إنها لها غايةٌ هي أَمَدُها، فالتقديرُ: لِمَا لَبِثوا من أمدٍ، فانتصب على إسقاط الجار، ونظيرُه في المعنى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} (¬٤)، {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (¬٥).
وقولُه: إن "أَضْرَب منَّا" مؤوَّلٌ: الكوفيون (¬٦) لا يُؤَوِّلون، بل يجيزون نصبَه (¬٧) "أَفْعَل" للمفعول به، وكذلك قيل في: {أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ} (¬٨): إنَّ "مَنْ" مفعولٌ، ولو كَثُرت أمثالُه لقِسْناه؛ لأن "أَفْعَلَ" مضمَّنٌ معنى المصدر، فيعملُ بذلك المعنى.
ع: في تجويزه التمييزَ نظرٌ؛ لأنه لا يقال: أَمَدٌ مُحْصٍ (¬٩).
---------------
(¬١) عجز بيت من الطويل، للعبَّاس بن مِرْداس، وصدره:
أَكَرَّ وأَحْمى للحقيقة منهمُ ... ...
القوانس: جمع قَوْنَس، وهو ما بين أُذُنَيْ الفرس. ينظر: الأصمعيات ٢٠٥، والحجة ١/ ٢٧، والتبيين ٢٨٧، وشرح التسهيل ٣/ ٦٩، ومغني اللبيب ٨٠٤، وخزانة الأدب ٨/ ٣١٩.
(¬٢) جامع البيان ١٥/ ١٧٦.
(¬٣) المحرر الوجيز ٣/ ٥٠٠.
(¬٤) فاطر ٢.
(¬٥) البقرة ١٠٦.
(¬٦) لم أقف عليه منسوبًا إلا إلى محمد بن مسعود الغَزْني. ينظر: ارتشاف الضرب ٥/ ٢٣٢٦.
(¬٧) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: نصبَ.
(¬٨) الأنعام ١١٧.
(¬٩) الحاشية في: ٢٢/أ.

الصفحة 928