كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

وَلَسْتَ بِالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى (¬١)

فجامَعَت الإضافةَ في الأول، و"أَلْ" في الثاني (¬٢).
* ثُمَّ (¬٣) قال ابنُه (¬٤) في بيت الأَعْشَى (¬٥): إن الوجه الأول من وجوه تأويلِه: أنَّ "مِنْ" فيه ليست لابتداء الغاية، بل لبيان الجنس، كما هي في: أنت منهم الفارسُ الشُّجاعُ (¬٦)، أي: من بينهم.
ع: فالتقديرُ: ولستَ بالأكثر من بينهم حصًى، وهذا يتكلَّم به الناسُ، يقال: فلانٌ هو الأفضلُ من إخوته، وهو الأعلمُ من أهل بيته، أي: هو الموصوف بالأَفْضليَّة والأَعْلميَّة من بينهم، ويلزم من هذا تفضيلُه عليهم، ولكنَّهم ما ذُكِروا لهذا.
وتسميةُ "مِنْ" هذا (¬٧) لبيان الجنس يعكِّر على تفسيرهم "مِنْ" التي لبيان الجنس، فإنك في: أنت منهم الفارسُ؛ لا يصحُّ أن تقول: التقديرُ: أنت الذي هو هم الفارسُ، ولا: أنت الذين هم هم، فكيف يقال: إنَّ "منهم" بيانٌ لـ"أنت"؟ ثم إنَّ "أنت" في غاية
---------------
(¬١) صدر بيت من السريع، وعجزه:
... وإنَّما العزَّةُ للكاثِر
حصًى: عدد كثير. ينظر: الديوان ١٤٣، والألفاظ ٢٧، وجمهرة اللغة ١/ ٤٢٢، والبصريات ١/ ٥٩٦، والخصائص ١/ ١٨٥، وشرح التسهيل ٣/ ٥٨، والمقاصد النحوية ٤/ ١٥٣٥، وخزانة الأدب ٨/ ٢٥٠.
(¬٢) الحاشية في: ٩٤، ونقلها ياسين في حاشية الألفية ١/ ٥٠٦، ولم يعزها لابن هشام.
(¬٣) هذا عطف على قوله المتقدم في ص ٩٣٠: «قال ابنه: فلا يبنى من وصف»، وسيأتي في توثيق هذه الحاشية مزيد بيان.
(¬٤) شرح الألفية ٣٤٣، ٣٤٤.
(¬٥) هو قوله المتقدم قريبًا:
ولستَ بالأكثرِ منهمْ حصًى ... وإنما العِزَّةُ للكاثر
(¬٦) من الأمثلة التي تداولها النحويون. ينظر: المفصل ٢٨٢، والبديع لابن الأثير ١/ ٢٨٥، وشرح الكافية الشافية ٢/ ١١٣٥.
(¬٧) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: هنا.

الصفحة 939