كتاب حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

ومنه عندهم: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (¬١).
أجاب الجمهورُ بأن التقدير: أوَّل فريقٍ كافرٍ، و: أَلْأَم فريقٍ طاعمٍ، ثم أُقيمت الصفة مُقامَ موصوفِها، وقيل: لأنه في معنى: أوَّل مَنْ كَفَرَ، وقيل: أي: لا يكُنْ كلٌّ منكم أوَّلَ كافرٍ، كقولك: كَسَانا حُلَّةً ... (¬٢)، ولا مفهومَ لهذه الصفة، أي: لا يُراد: بل كونوا آخرَ كافرٍ.
ولَمَّا اعتَقد بعضُهم أن لها مفهومًا قال: زائدة، أعني: أوَّل.
وقال آخَرُ: حُذف المعطوف، أي: ولا آخرَ كافرٍ، ونُصَّ على الأول؛ لأنه أَفْحَشُ للابتداء به، ونظيرُه: قولُه (¬٣):
مِنْ أُنَاسٍ لَيْسَ فِي أَخْلَاقِهِمْ ... عَاجِلُ الفُحْشِ وَلَا سُوءُ الحرج (¬٤) (¬٥)

ولا يريد أن فيهم فُحْشًا آجلًا، بل لا فُحْشَ عندهم أَلْبَتَّةَ (¬٦).
* قولُه: «أو جُرِّدَ»: ذَكَر في "التَّسْهِيل" (¬٧) أنه إذا أُوِّل بما لا تفضيلَ فيه وجُرِّد فالغالبُ أن يكون كذلك، وقد يطابق، فمثالُ عدم المطابقة: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} (¬٨)، {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} (¬٩)، {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} (¬١٠)، ومثالُ المطابقة:
---------------
(¬١) البقرة ٤١.
(¬٢) موضع النقط كلمة لم أتبينها في المخطوطة، ورسمها: تنبيه، وليست عند ياسين، وفي الكشاف ١/ ١٣١ والبحر المحيط ٩/ ٢١٩: كسانا حُلَّةً، أي: كل واحدٍ منا.
(¬٣) هو سُوَيد بن أبي كاهل اليشكري.
(¬٤) كذا في المخطوطة، والصواب ما في مصادر البيت: الجَزَع.
(¬٥) بيت من الرمل. ينظر: الديوان ٢٧، والمفضليات ١٩٤، والصاحبي ٣١٩.
(¬٦) الحاشية في: ٩٥، ونقلها ياسين في حاشية الألفية ١/ ٥٠٨.
(¬٧) ١٣٤، وينظر: شرحه ٣/ ٦٠، ٦١.
(¬٨) الفرقان ٢٤.
(¬٩) الإسراء ٤٧.
(¬١٠) طه ١٠٤، وق ٤٥.

الصفحة 944