كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرا

ويطلق يحيى بن معاذ تحذيرًا شديدًا فيقول: إياكم والعُجب، فإن العُجب مهلكة لأهله، وإن العُجب ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .. فالذي يبيت نائمًا ويصبح نادمًا، خير ممن يبيت قائمًا ويصبح مُعجبا.
قيل لابن المبارك: ما الذنب الذي لا يغفر؟ قال: العُجب.
وكان الصالحون يرون: أنه يموت مذنبًا نادمًا أحب إليهم من أن يموت مُعجبا.
جاء في الحديث: " كان رجلان في بني إسرائيل متواخيان، وكان أحدهما مذنبًا ولآخر مجتهدًا في العبادة، وكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب، فيقول أقصر. فوجده يومًا على ذنب، فقال له: أقصر. فقال: خلني وربي، أبعثت على رقيبًا؟! فقال: والله لا يغفر الله لك، أو: لا يدخلك الله الجنة، فقبض روحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالمًا، أو كنت على ما في يدي قادرًا؟! وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار " (¬1).

يؤدي إلى غضب الله ومقته:
قال صلى الله عليه وسلم: " من تعظم في نفسه، واختال في مشيته، لقى الله وهو عليه غضبان" (¬2).
وقال عليه الصلاة والسلام: " النادم ينتظر الرحمة، والمُعجب ينتظر المقت" (¬3).
فإن قلت: لماذا يتعرض المُعجب بنفسه لمقت الله؟!
يتعرض لذلك لأنه جاحد لفضل ربه العظيم عليه ..
¬_________
(¬1) صحيح، رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع ح (4455).
(¬2) صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري في الأدب المفرد عن ابن عمر، وأورده الألباني في صحيح الجامع ح (6157) والصحيحة ح (543).
(¬3) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم (7254).

الصفحة 47