كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

سُورَة الشَّمْس وَضُحَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَنَفس وَمَا سواهَا فألهمها فجورها وتقواها قد أَفْلح من زكاها وَقد خَابَ من دساها}
ذَا احْتج مُحْتَج بِهَذِهِ الْآيَة على الْقَدَرِيَّة وَهِي قَوْله {قد أَفْلح من زكاها} أَي من زكى الله نَفسه {وَقد خَابَ من دساها} قَالَ الضَّمِير فِي زكى يعود على من وَلَا يعود على الله كَمَا فعلوا فِي الضَّمِير فِي قَوْله تَعَالَى {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجا}
كَمَا تقدم من قَوْلهم أَن الضَّمِير فِي يشْرَح وَفِي يَجْعَل يعود على من وَلَا يعود على الله تَعَالَى فَيُقَال لمن قَالَ ذَلِك فَمَا تصنع فِي الْآيَة الَّتِي قبلهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {فألهمها فجورها وتقواها} ويشد هَذَا القَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دُعَائِهِ المقتبس من الْكتاب الْعَزِيز اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقواها وزكها أَنْت خير من زكاها أَنْت وَليهَا ومولاها
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته مَا زكا مِنْكُم من أحد أبدا وَلَكِن الله يُزكي من يَشَاء}

الصفحة 104