كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

لِعِبَادِهِ وَإِلَّا خرج عَن الْحِكْمَة وانعزل عَن الإلهية وَمَا باله أَن لم يفعل لَهُم ذَلِك مَا أماتهم أطفالا قبل أَن يبلغُوا الْحلم فيبخلوا بِالْمَالِ ينفقونه فِي سَبِيل الله ويستغنون عَن رَبهم فَلم يَرْغَبُوا فِي الْعَمَل بِطَاعَتِهِ وَلم يكذبوا بِالْحُسْنَى وَإِذا فعل لَهُم ذَلِك وأماتهم صغَارًا أدخلهم الْجنَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ} فَإِذا دخلُوا إِلَى الْجنَّة ونظروا إِلَى أهل الْأَعْمَال فِي عليين قَالُوا يَا رَبنَا مَا بالك لم تُعْطِنَا كَمَا أَعْطَيْت أهل عليين فَيَقُول هَؤُلَاءِ أهل الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَأَنْتُم متم صغَارًا لم تبلغوا وَلم تعملوا فَيَقُولُونَ يَا رَبنَا فَأَنت أمتنَا صغَارًا وَلم تنظر لنا بالأصلح وَلَو أبقيتنا حَتَّى نبلغ الْحلم لعملنا كَمَا عمل أهل عليين فجازينا كَمَا جازيتهم فَيَقُول لَهُم علمت أَنكُمْ إِذا بَلغْتُمْ كَفرْتُمْ وعصيتم فأدخلكم النَّار فَنَظَرت لكم بِالْمَصْلَحَةِ فأمتكم صغَارًا فأدخلتكم الْجنَّة وَهَذَا هُوَ الْأَصْلَح لكم فَعِنْدَ ذَلِك يُنَادي أهل النَّار من دركات لظى واجواره يَا رَبنَا لَو أمتنَا صغَارًا كَانَ الْأَصْلَح لنا أَن نَكُون مَعَ أَطْفَال أهل الْجنَّة فِي أقل منازلها فيخصم الرب جلّ جَلَاله على مَذْهَب الْمُعْتَزلَة ويتعالى حكم ذَلِك الْجلَال أَن يُوزن بميزان اهل الاعتزال

سُورَة وَالضُّحَى فِيهَا قَوْله {ألم يجدك يَتِيما فآوى ووجدك ضَالًّا فهدى ووجدك عائلا فأغنى}
ثمَّ أمره بِثَلَاثَة فِي مُقَابلَة هَذِه الثَّلَاثَة فَقَالَ سُبْحَانَهُ 2 فِي مُقَابلَة {ألم يجدك يَتِيما فآوى} {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} وَقَالَ فِي مُقَابلَة {ووجدك ضَالًّا فهدى} {وَأما السَّائِل فَلَا تنهر} فَمن استرشدك فارشده وَمن سَأَلَك فأجبه

الصفحة 106