كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

وَفِي رِوَايَة قَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وأيها قلت أخذت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك فبهت وَانْقطع وَسَأَلَ عليا عَلَيْهِ السَّلَام بعض أَصْحَابه فَقَالَ يَا امير الْمُؤمنِينَ أَرَأَيْت أفعالنا هِيَ خلق لله أم لنا فَقَالَ الله خلقهَا وَأَنت تعملها لَا تسْأَل عَن هَذَا اُحْدُ غَيْرِي
قَالَ الْفَقِيه أَبُو الْقَاسِم كل ذَلِك وَردت عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاح والأقوال الْوَاضِحَة تَأمل قَوْله الله خلقهَا وَأَنت تعملها أخْبرك أَن الله خَالِقهَا وَأَنه خَالق كل شَيْء وَلَا خَالق سواهُ قَوْله وَأَنت تعملها إِشَارَة إِلَى مَا شرحناه أَولا لَك فِي معرفَة الْكسْب وَمَا يصدر من الْإِنْسَان على وَجه المحاولة لَهُ والإيثار كَمَا ورد فِي الْقُرْآن بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وَبِمَا كُنْتُم تكسبون وَيعلم مَا تَفْعَلُونَ كَمَا تَقول هَذَا لونك وَهَذِه صحتك وَهَذَا أَيْضا فعلك وعملك وكسبك لكل مَا حاولته وآثرته على التّرْك فَعِنْدَ المحاولة أجْرى الْعَادة وطرد السّنة أَن يخلق الْقُدْرَة عَلَيْهِ ويخلق لَك الْفِعْل الِاخْتِيَارِيّ الْمُخَالف لحركة الارتعاش الَّتِي لَيست هِيَ بمحاولتك وَلَا إرادتك وَلَا مقرونة بقدرتك وَكَذَلِكَ الزج فِي الصبب إِذا كنت قَائِما على جبل عَال وقدامك صبب إِلَى أَسْفَل الْجَبَل وزجك زاح من علو الْجَبَل فِي ذَلِك الصبب اَوْ تعاطيت إِن خطوت خطوَات ثمَّ هِبته فَأَرَدْت الْوُقُوف وَالرُّجُوع فَلم تَجِد لذَلِك سَبِيلا فَانْظُر إِلَى حركاتك وَنقل أقدامك هَل هِيَ وَاقعَة بِحَسب إرادتك ومشيئتك وقدرتك أَو بِخِلَاف ذَلِك وَإنَّك لتفرق الْآن بَين من يقطع الْمسَافَة إختيارا اَوْ بَين من يقطعهَا سحبا اَوْ زجا كحركة الارتعاش وحركة تماثلها فِي يدك وَاقعَة بمشيئتك واختيارك وَالْكل من الْفِعْلَيْنِ خلق لله وَإِنَّمَا أَحدهمَا وَقع بقدرة الله لَا بقدرتك وبمشيئة الله لَا بمشيئتك وَالْآخر وَقع بقدرة الله ومشيئته لَكِن مَعَ محاولة مِنْك وإيثار فنسب إِلَيْك بِهَذَا الْوَجْه فَيُقَال هَذَا عَمَلك وفعلك وكسبك كَمَا يُقَال هَذَا لونك وصحتك وشبعك وريك وَمَا اشبهه فَصَارَ مَا يكتسبه الْإِنْسَان خلقا لله دون الْإِنْسَان وكسبا للانسان دون الله وَالْكَسْب محَال وجوده من الله كَمَا أَن الْخلق والإيجاد محَال وجوده من الْإِنْسَان فَاعْلَم

الصفحة 114