كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

وَقَالَ فِي مَوضِع آخر {سنقرئك فَلَا تنسى}
وَهَذَا يشبه مَا قَرَّرَهُ الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو الْقَاسِم رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي الدَّلِيل الْقَاطِع على أَفعَال الْعباد وَفِي مسئلة الْكسْب لَهُ وَفِي كتاب الاملاء وَفِي غير مَوضِع من كَلَامه وَبَينه فِي حَرَكَة الْيَد الاختيارية دون حَرَكَة الارتعاش فَإِن الْقَدَرِيَّة وافقونا فِي حَرَكَة الارتعاش أَنَّهَا خلق الله تَعَالَى وخالفوا فِي حَرَكَة الِاخْتِيَار لأجل إقترانها بقدرة العَبْد وإرادته فَقَالُوا هَذِه من خلقنَا دون الله تَعَالَى
قَالَ الْفَقِيه لَا يَصح لفاعل شَيْء أَن يكون فَاعِلا على الْجُمْلَة غير فَاعل لَهُ على التَّفْصِيل وَالْفَاعِل لهَذِهِ الْحَرَكَة الاختيارية لَا يَصح ان يكون خَالِقًا لَهَا إِلَّا بعد الْقَصْد إِلَى كل جُزْء فِيهَا وَالْفَاعِل المحرك منا ذاهل عَن تفاصيل أَجْزَائِهَا غير عَارِف بكمية أعداد أَجْزَائِهَا ومراداته مِنْهَا وكيفياتها وَمن أنصف من نَفسه أقرّ بِالْعَجزِ عَن ذَلِك كُله وَلَو سُئِلَ القدري عَن جُمْلَتهَا وَهُوَ المحرك ليده وَقيل لَهُ إِن كنت خَالِقًا لَهَا وفاعلا لَهَا على زعمك فَهَل تعلم أجزء الْحَرَكَة على التَّفْصِيل حَتَّى تعلم كم جَوْهَر قطعته وَكم حَرَكَة قَامَت بِتِلْكَ الْأَجْزَاء بهم وَمن أَيْن ابتدأت الْحَرَكَة بِمَا قطعته من الأحياز وَإِلَى أَي مَوضِع انْتَهَت ووقفت الْيَد عَنهُ وَأَيْنَ جِهَة إرتفاعها وَأَيْنَ جِهَة إنخفاضها وَإِن كنت أَنْت خلقتها وَأَنت فاعلها فحرك يدك حَرَكَة مثلهَا فِي أعداد أَجْزَائِهَا وإعداد وحركتها الْقَائِمَة بهَا وابتدأ فِي حَيْثُ ابتدأت أَولا وقف حَيْثُ انْتَهَت يدك أَولا وَلَا تعلي يدك فَوق الْجِهَة الَّتِي كَانَت أَولا وَلَا تخفضها عنهاولا الْيَد مسرعة فِي حركتها بل على نَحْو الْحَرَكَة الأولى وَقيل لَهُ إِن كنت تعلم ذَلِك كُله فاذكره صَادِقا فَإِن أنصف قَالَ مَا أعلم شَيْئا من ذَلِك فَيُقَال فابحث عَن من يعلم ذَلِك كُله على النَّحْو الَّذِي شرحناه فَأن وَجَدْنَاهُ فَذَلِك هُوَ الْفَاعِل للحركة الموجد لَهَا دون غَيره وَلَا تَجِد ذَلِك إِلَّا الْوَاحِد القهار لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْخَالِق لكل شَيْء وَهُوَ الْوَاحِد القهار حَقًا وَقد نطق بِهِ الْكتاب الْعَزِيز

الصفحة 125