كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

وَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {إِن هِيَ إِلَّا فتنتك تضل بهَا من تشَاء وتهدي من تشَاء أَنْت ولينا فَاغْفِر لنا}
فَهَذَا قَول أنبيائه وهم أعرف خلق الله برَبهمْ وبصفاته وكل مَا ينطقون بِهِ فَهُوَ مُسْتَفَاد من بارئهم كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْأَخْبَار عَن الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى}
الا ترى أَن مُوسَى صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ حَيْثُ قَالَ لرَبه فِي مناجاته {إِن هِيَ إِلَّا فتنتك تضل بهَا من تشَاء وتهدي من تشَاء}
إِنَّمَا اسْتَفَادَ ذَلِك من قَوْله تَعَالَى فِي شَأْن قومه الَّذين عبدُوا الْعجل الَّذين اتَّخذهُ السامري لَهُم من الْحلِيّ وَقَالُوا هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى وَكَانَ فِي حَال الْمُنَاجَاة فَقَالَ لَهُ ربه {فَإنَّا قد فتنا قَوْمك من بعْدك} فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قومه وَرَأى الْعجل مَنْصُوبًا لِلْعِبَادَةِ وَله خوار قَالَ {إِن هِيَ إِلَّا فتنتك تضل بهَا من تشَاء وتهدي من تشَاء}

الصفحة 26