كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

فَأَجَابَهُ بقوله {افْعَل مَا تُؤمر} وحاشاه أَن يَقُول لِأَبِيهِ الْخَلِيل إفعل مَا تُؤمر وَهُوَ لم يُؤمر ولكان إِبْرَاهِيم يَقُول يَا بني مَا أمرت وَإِنَّمَا رَأَيْت فِي النّوم أَنِّي أذبحك فَأخذ يدندن ويتلعثم ويجمجم وَيَقُول قد وجد للذبح والتأم حلقه وهذ مِنْهُ حَرَكَة الْمَذْبُوح وخجل المحجوج وَلِهَذَا سمينا الرسَالَة الذابحة للكلاب النابحة وَقد سيمنا هَذَا الْكتاب باسم مُشْتَقّ مِنْهُ فِي الْمَعْنى فسميناه حز الغلاصم فِي إفحام المخاصم كل هَذَا فِرَارًا من الإنقياد للحق وحسدا لمن عثر عَلَيْهِ دونه وحرصا على تَصْحِيح إعتقاده إِن الْإِرَادَة هِيَ نفس الْأَمر وَالْبَاطِل لَا يقبل البصيرة أبدا وَلَا يتمشى أبدا كَيفَ يكون الذّبْح قد وجد وَالله تَعَالَى يَقُول {وفديناه بِذبح عَظِيم} فَلَا معنى للْفِدَاء إِن كَانَ الذّبْح قد وجد وَكَانَ هَذَا الْقَائِل إِمَامًا عَظِيما عِنْدهم كَبِير الشَّأْن يزْعم ويذبحون أَنه لَا تفلج لَهُ حجَّة وَلَا تقصم لَهُ عُرْوَة
وَمَا أحسن مَا جرى بَين مَجُوسِيّ وقدري وهما فِي إعتقاد هَذِه الْأمة سَوَاء لِأَن الْمَجُوس يَقُولُونَ بآلهين ويسمون الثنوية لذَلِك وَقد جَاءَ حَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِيهِ الْقَدَرِيَّة مجوس هَذِه الْأمة من حَيْثُ أَنهم جعلُوا مَعَ الله شُرَكَاء كثيرا فالخلق عِنْدهم خالقون لأفعالهم حسنها وقبيحها وَالْمَجُوس يجْعَلُونَ مَعَ الله شَرِيكا وَاحِدًا يخلق الشَّرّ لَا غير وَهَؤُلَاء يقلون إِن الْخلق يخلقون إِيمَانهم وكفرهم وطاعتهم وعصيانهم
وَلَقَد جرت هَذِه الْمَسْأَلَة للشَّيْخ الْفَقِيه الإِمَام الرشيد جمال الْفُقَهَاء ابي الطَّاهِر

الصفحة 29