كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

وَقيل من عنْدك أَي بشؤمك الَّذِي لحقنا بك
قَالُوهُ على جِهَة التطير قَالَ الله تَعَالَى {قل كل من عِنْد الله} أَي الشدَّة والرخاء وَالظفر والهزيمة من عِنْد الله أَي بِقَضَاء الله وَقدره {فَمَا لهَؤُلَاء الْقَوْم لَا يكادون يفقهُونَ حَدِيثا} أَي مَا شَأْنهمْ لَا يفقهُونَ أَن كلا من عِنْد الله
ثمَّ قَالَ {مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله} أَي مَا أَصَابَك يَا مُحَمَّد من خصب ورخاء وَصِحَّة وسلامة فبفضل الله عَلَيْك وإحسانه إِلَيْك وَمَا أَصَابَك من جَدب وَشدَّة فبذنب أَتَيْته عوقبت عَلَيْهِ وَالْخطاب للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَالْمرَاد بِهِ أمته كَقَوْلِه {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} وَقد قيل الْخطاب للانسان وَالْمرَاد بِهِ الْجِنْس كَمَا قَالَ {وَالْعصر إِن الْإِنْسَان لفي خسر} أَي إِن النَّاس لفي خسر أَلا ترَاهُ اسْتثْنى مِنْهُم فَقَالَ {إِلَّا الَّذين آمنُوا} وَلَا يَسْتَثْنِي إِلَّا من جملَة أَو جمَاعَة وعَلى قَول من قَالَ الْحَسَنَة الْفَتْح وَالْغنيمَة يَوْم بدر والسيئة مَا أَصَابَهُم يَوْم أحد
فكأنهم عوقبوا عِنْد خلاف الرُّمَاة الَّذين أَمرهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحموا

الصفحة 52