كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

لَك وطاعتنا إياك على مَا كَانَت الْعَرَب عَلَيْهِ من زجر الطير تتشاءم بالبارح وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي من جِهَة الشمَال وتتبرك بالسانح وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي من جِهَة الْيَمين فَرد الله عَلَيْهِم بقوله تَعَالَى {أَلا إِنَّمَا طائرهم عِنْد الله} يَعْنِي أَن طَائِر الْبركَة وطائر الشؤم من الْخَيْر وَالشَّر والنفع والضر من الله تَعَالَى لَا صنع فِيهِ لمخلوق
فَكَذَلِك قَوْله تَعَالَى فِيمَا أخبر عَنْهُم أَنهم يضيفونه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ {وَإِن تصبهم سَيِّئَة يَقُولُوا هَذِه من عنْدك قل كل من عِنْد الله}
كَمَا قَالَ {أَلا إِنَّمَا طائرهم عِنْد الله} وكما قَالَ {وَمَا أَصَابَكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ فبإذن الله} أَي بِقَضَاء الله وَقدره وَعلمه أَيْضا وآيات الْكتاب يشْهد بَعْضهَا لبَعض وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يشك أَن كل شَيْء بِقَضَاء الله وَقدره وإرادته ومشيئته كَمَا قَالَ تَعَالَى {ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة}
وَقَالَ {وَإِذا أَرَادَ الله بِقوم سوءا فَلَا مرد لَهُ وَمَا لَهُم من دونه من وَال} وَشر الشرور إِبْلِيس اللعين وَالله تَعَالَى خلقه وَقد سلطه على خلقه وتفضل سُبْحَانَهُ على من شَاءَ من خلقه بالعصمة وَالْهِدَايَة والتوفيق والرشاد

الصفحة 54