كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

الْقَدَرِيَّة والمعتزلة أَن الْإِنْسَان مَالك لاختياره فَإِن شَاءَ آمن وَإِن شَاءَ كفر وَإِن شَاءَ أطَاع وَإِن شَاءَ عصى فَمَا يَفْعَلُونَ بقسم الله سُبْحَانَهُ أَكَانَ الله يَحْنَث فِي يَمِينه عِنْدهم أَو كَانَ يُوصف بِالْكَذِبِ فِي خَبره على مُقْتَضى مَذْهَبهم وَهُوَ مُسْتَحِيل فِي حَقه جلّ ذَلِك الْجلَال أَن توزن صِفَاته بميزان أهل الْقدر والاعتزال أَو يضطروا إِلَى قَول أهل الْحق فَيَقُولُونَ لَا بُد أَن يصدق خَبره ويبر قسمه فَيُؤمن ويطيع من أَرَادَ إيمَانه وطاعته وَيكفر ويعصي من أَرَادَ كفره ومعصيته فتتم إِذن كَلمته بالثواب وَالْعِقَاب ويملأ الْجنَّة مِمَّن سبقت لَهُ من الله الْحسنى وجهنم مِمَّن حقت عَلَيْهِ كلمة الْعَذَاب ويضل الله من هُوَ مُسْرِف مرتاب

سُورَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله تَعَالَى {وَإِلَّا تصرف عني كيدهن أصب إلَيْهِنَّ وأكن من الْجَاهِلين فَاسْتَجَاب لَهُ ربه فصرف عَنهُ كيدهن إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم}
وَقَالَ فِيهَا {كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء إِنَّه من عبادنَا المخلصين}
فيا لله وَيَا للعجب أَيعْجزُ الله تَعَالَى أَن يصرف الزِّنَا عَن كل من هم بِهِ كَمَا صرفه عَن يُوسُف أم هُوَ قَادر على ذَلِك فسوءة لَهُم مَا أجهلهم بِصِفَات الله أَرَادوا أَن يصفوا رَبهم بِالْعَدْلِ فوصفوه بِالْعَجزِ
وَقَالَ فِي نقيض ذَلِك {وَإِذا أَرَادَ الله بِقوم سوءا فَلَا مرد لَهُ وَمَا لَهُم من دونه من وَال} وَلما دَعَاهُ الْملك وَأرْسل إِلَيْهِ رَسُولا ليخرجه من السجْن {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول قَالَ ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ إِن رَبِّي بكيدهن عليم}

الصفحة 67