كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

فَانْظُر إِلَى هَذَا النَّبِي المكرم على الله وَهُوَ خَلِيله دون خلقه كَيفَ يتَضَرَّع إِلَى مَوْلَاهُ فَمرَّة يَقُول {واجعلنا مُسلمين لَك وَمن ذريتنا أمة مسلمة لَك} وَمرَّة يَقُول {واجنبني وَبني أَن نعْبد الْأَصْنَام}
وَمرَّة يَقُول {رب اجْعَلنِي مُقيم الصَّلَاة وَمن ذريتي} على نَحْو قَوْله فِيمَا قدمْنَاهُ {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين}
وَفِي هَذِه السُّورَة {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء} أَي يضل من يَشَاء فَلَا يوفقه وَيهْدِي من يَشَاء فيوفقه وَقَوله {ويضل الله الظَّالِمين} أَي لَا يوفقهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَى الْإِيمَان هَكَذَا جَاءَ فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة

سُورَة الْحجر قَوْله سُبْحَانَهُ حِكَايَة عَن إِبْلِيس {قَالَ رب بِمَا أغويتني لأزينن لَهُم فِي الأَرْض ولأغوينهم أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين قَالَ هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} قَالَ لأغوينهن كَمَا أغويتني فَاعْلَم

الصفحة 75