كتاب حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

سُورَة النَّحْل قَوْله تَعَالَى {وعَلى الله قصد السَّبِيل} {وَمِنْهَا جَائِر وَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ} قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وعَلى الله بَيَان الْهدى من الضلال وَلَو شَاءَ لهداكم إِلَى الْهدى أجميعن وَهُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وفيهَا قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد بعثنَا فِي كل أمة رَسُولا أَن اعبدوا الله وَاجْتَنبُوا الطاغوت فَمنهمْ من هدى الله وَمِنْهُم من حقت عَلَيْهِ الضَّلَالَة فسيروا فِي الأَرْض فانظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين إِن تحرص على هدَاهُم فَإِن الله لَا يهدي من يضل وَمَا لَهُم من ناصرين}
انْظُر إِلَى قَوْله تَعَالَى {إِن تحرص على هدَاهُم} وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفْصح من نطق بالضاد وَهُوَ سيد الْأَوَّلين والآخرين وأبلغ الواعظين وَصَاحب المعجزات والآيات والبراهين وَاشْتَدَّ حرصه على إِيمَان من لم يُؤمن من قومه وَذَهَبت نَفسه عَلَيْهِم حسرات وَالله تَعَالَى يَقُول لَهُ {فَإِن الله لَا يهدي من يضل} وأكده بقوله {وَمَا لَهُم من ناصرين} كَمَا قَالَ {وَمن يضلل فَلَنْ تَجِد لَهُ وليا مرشدا} وَقَوله {أفلم ييأس الَّذين آمنُوا أَن لَو يَشَاء الله لهدى النَّاس جَمِيعًا}
وَفِي هَذِه السُّورَة {وَلَو شَاءَ الله لجعلكم أمة وَاحِدَة وَلَكِن يضل من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء ولتسألن عَمَّا كُنْتُم تَعْمَلُونَ}

الصفحة 76