كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

أجمعين، حيَّ على الفلاح باتباع مَنِ السعادةُ في اتِّباعهِ، والفلاِحُ في الدخول في زمرة أشياعه، فأذَّن وأقام وتولَّى وقال: "لستُ أدَعُكم كالأيتام، وسأعود وأصلي وراء هذا الإمام، هذا عهدي إليكم، إنْ حفظتموه دام لكم المُلْكُ إلى آخر الأيام" (¬١) .
فصلَّى اللهُ عليه منْ ناصع بشَّرَ برسالة أخيه -عليهما أفضل (¬٢) الصلاة والسلام- وصدَّق به أخوه، ونزّهه عما قال فيه وفي أمِّه أعداؤه المغضوبُ عليهم من الإفك والباطل وزُوْرِ الكلام، كما نزَّه ربَّه وخالقه ومُرْسِلَه عمَّا قال فيه المثلِّثةُ عُبَّاد الصليب، ونسبوه إليه من النَّقْص والعَيْبِ والذّمِّ.
أما بعد:
فإنَّ الله -جلَّ ثناؤهُ وتقدَّست أسماؤه وتبارك اسمُه وتعالى جَدُّه ولا إله غيره- جعلَ الإسلامَ عصمةً لمن لجأ (¬٣) إليه، وجُنَّةً لمن استمسك به وعضَّ بالنواجذ عليه، فهو حَرَمُه الذي مَنْ دخله كان من الآمنين، وحِصْنُهُ الذي من لجأ إليه كان من الفائزين، ومَنِ انقطع دونه كان من الهالكين، وأبى أن يقبل من أحد دينًا سواه -ولو بذل في المسير إليه جهده واستفرغ قواه (¬٤) - فأظهره على الدِّين كلِّه حتى طبَّق مشارقَ الأرض ومغاربَها، وسار مَسِيْرَ الشَّمس في الأقطار، وبَلَغَ إلى حيث انتهى اللَّيلُ والنَّهار.
---------------
(¬١) انظر: يوحنا: ١٤/ ١٥ - ١٩.
(¬٢) ساقط من "ص".
(¬٣) في "ص": "يلجأ".
(¬٤) في "ب، ج": "قوله".

الصفحة 10