كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [المائدة: ٨٢ - ٨٦].
قال ابنُ عبَّاسٍ: لما حضرَ أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بين يدي النَّجاشيِّ وقرأوا القرآن، سمع ذلك القِسِّيْسُونَ والرُّهبان فانحدرتْ دموعهم مما عَرَفُوا من الحق فقال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} الآيات (¬١) .
وقال سعيد بن جبير: بعث النَّجاشيُّ من خيار أصحابه ثمانين رجلًا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقرأ عليهم القرآن، فَبَكَوا ورَقُّوا، وقالوا نعرفُ -والله-، فأسلموا وذهبوا إلى النَّجاشيِّ فأخْبَرُوه فأسْلمَ، فأنزل الله فيهم: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ} الآيات (¬٢) .
وقال السُّدِّيُّ: كانوا اثني عَشَرَ رجلًا؛ سبعةً من القسيسين وخمسةً من الرُّهبان، فلما قرأ عليهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - القرآنَ بَكَوا وقالوا: {رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}.
قال ابن عباس: هم محمدٌ وأمَّتُه، وهم القوم الصالحون الذين
---------------
(¬١) أخرجه الطبري: (٧/ ١ - ٣)، والبغوي: (١/ ٧٠٣).
(¬٢) انظر: "تفسير البغوي": (١/ ٧٠٣ - ٧٠٤).

الصفحة 103