كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له الأُسقفُّ عند ذلك: قد -واللهِ- تَعَّسْتَ نبيًّا مُرْسَلًا، فقال له أبو علقمة: لا جَرَمَ -والله- لا أحُلُّ عنها عَقْدًا حتى آتِيَهُ، فضرب وجه ناقته نحو المدينة وثنَى الأسقفُ ناقته عليه، فقال له: افهف عنِّي، إنما قلتُ هذا (مخافةَ أن يبلغِ) (¬١) عني العربَ أنَّا (¬٢) أُخِذْنَا حُمْقةً أو نَخَعْنا لهذا الرَّجل بما لم تنخعْ به العربُ، ونحن أعزُّهم وأجمعهم دارًا، فقال له أبو علقمة: والله لا أُقيلك ما خرج (¬٣) من رأسك أبدًا، ثم ضرب ناقته يقول:
إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِيْنُهَا ... مُعْتَرِضًا في بَطْنِهَا جَنِيْنُهَا
مُخَالِفًا دِيْنَ النَّصارَى دِيْنُهَا
حتى أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل معه حتى اسْتُشْهِدَ بعد ذلك (¬٤).
وإذا عُرِفَ هذا؛ فالعلم (¬٥) بأنَّه - صلى الله عليه وسلم - مذكورٌ في الكتب المتقدِّمة، يُعْرَفُ من وجوهٍ متعدِّدَةٍ:
(أحدها): إِخبارُ مَنْ قد ثبتت نبوَتُه قطعًا بأنَّه مذكورٌ عندهم في كتبهم؛ فقد أخبر به مَنْ قام الدليلُ القطعيُّ على صِدْقِه، فيجب تصديقُه فيه؛ إذْ تكذيبه -والحالة هذه- ممتنعٌ لذاته. هذا لو لم يُعْلَمْ ذلك إلا من
---------------
(¬١) في "غ": "ليبلغ".
(¬٢) في "غ": "فإنهم إن يروا".
(¬٣) في "غ": "خرع".
(¬٤) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى": (١/ ١٦٤ - ١٦٥) والبيهقي في "الدلائل": (٥/ ٤٨٥) وما بعدها، وانظر: "زاد المعاد" للمصنف (٣/ ٥٤٩) وما بعدها، "السيرة النبوية" لابن كثير: (١/ ١٠١) وما بعدها.
(¬٥) في "ب، ص": "فاعلم" وتحتها: "فالعلم".