كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
أتباعُه السَّهلَ والجبلَ.
ولا يكثر علي الشعب الذي نطقت التوراة بأنَّهم عَادِمو الرأي والفَطَانة أَنْ ينقسموا إلي جاهلٍ بذلك، وجاحدٍ مكابِرٍ معاندٍ، ولفظُ التوراة فيهم: "إنهم لشعبٌ عادمُ الرّأي، وليس فيهم فِطَانة" (¬١).
ويقال لهؤلاء المكابرين: أيُّ نبوةٍ خرجتْ من الشام فَاسْتَعْلَتِ (¬٢) استعلاءَ ضياءِ الشّمس، وظهرتْ فوقَ ظهور النبوَّتَيْن قبلها؟ وهل هذا إلا بمنزلة مكابرةِ مَنْ يري الشمس قد طلعت من المشرق فيغالط ويكابر، ويقول: بل طلعت من المغرب!!.
(الوجه الثالث): قال في التوراة -في السِّفر الأول-: "إن المَلَك ظهر لِهَاجَرَ أمِّ إسماعيل، فقال: يا هاجر مِنْ أين أقبلتِ؟ وإلي أين تُرِيْدِينَ؟ فلما شرحت له الحال، قال: ارجعي، فإنّي سأكثِّر ذرِّيَّتَك وزَرْعَكِ حتي لا يُحْصَوْنَ كثرةً، وها أنتِ تَحْبَلينَ وتَلِدينَ ابنًا أسمِّيه (¬٣) إسماعيل، لأن الله قد سمع تذلُّلَك وخضوعَك وولدك يكون وحشيَّ الناس وتكون يده علي الكلِّ، ويَدُ الكلِّ مبسوطة إليه بالخضوع" (¬٤).
وهذه بشارةٌ تضمنتْ أَنَّ يدَ ابنِها علي يد كل الخلائق، وأنَّ كَلِمَتَهُ العليا، وأنَّ أيدي الخَلْق تحت يده. فمَنْ هذا الذي ينطبق عليه هذا الوصف سوي محمد بن عبد الله -صلوات الله وسلامه عليه-؟!
---------------
(¬١) سفر التثنية، الإصحاح (٣٢)، فقرة (٢٨).
(¬٢) في "غ": "فاستعلنت".
(¬٣) في "غ": "لتسمّيه".
(¬٤) سفر التكوين، الإصحاح (١٦)، فقرة (٧ - ١٢). وانظر: "أعلام رسول الله المنزلة علي رسله" لابن قتيبة، لوحة (٢).