كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ولهذا كان في القرآن تفصيل أمرِ الآخرة وذِكْرِ الجنة والنار وما يأتي، أمور كثيرة لا توجد لا في التوراة ولا في الإنجيل، وذلك تصديقُ قولِ المسيح: إنَّه يُخْبِر بكلِّ ما يأتي. وذلك يتضمَّن صِدْقَ المسيح وصِدْقَ محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا معني قوله تعالي: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) } [الصافات: ٣٥ - ٣٧]. أي: مجيئه تصديقٌ للرُّسل قَبْلَه؛ فإنهم أخبروا بمجيئه، فجاء كما أخبروا به، فتضمن مجيئه (¬١) تصديقَهم، ثم شهد هو بِصِدْقِهِم، فصدَّقهم بقوله ومجيئه.
ومحمدٌ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ الله بين يدي السَّاعة كما قال: "بُعِثْتُ أنا والسَّاعة كهاتين، وأشار بإصبَعَيهِ السبَّابة والوسْطَى" (¬٢) .
وكان إذا ذكر الساعة علا صوتُه واحمرَّ وجهه واشتدَّ غضبه. وقال: "أنا النَّذيرُ العُرْيَانُ" (¬٣) .
فأخبر من الأمور التي تأتي في المستقبل بما لم يأتِ به نبيٌّ من الأنبياء، كما نَعَتَه به المسيحُ حيث قال: "إنه يخبركم بكلِّ ما يأتي".
---------------
(¬١) ما عدا "غ": "مجيؤه".
(¬٢) أخرجه البخاري في التفسير، سورة النازعات: (٨/ ٦٩١)، ومسلم في الفتن، باب قرب الساعة: (٤/ ٢٢٦٨).
(¬٣) أخرجه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (١٣/ ٢٤٩ - ٢٥٠)، ومسلم في الفضائل، باب شفقته علي أمته: (٤/ ١٧٨٨).

الصفحة 137