كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
ليس له من الأمر معه شيء، وختم التأذين بأنَّ ملكوتَ اللهِ سيؤخذ ممَّن كذَّبه ويُدْفَع إلي أتباعه والمؤمنين به، فهَلَكَ من هَلَكَ عن بيِّنة، وعاش من عاش عن بيِّنة، فاستجاب أتباع المسيح حقًّا لهذا التأذين، وأباهُ الكافرونَ والجاحدونَ، فقال تعالي: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [آل عمران: ٥٥].
وهذه بشارةٌ بأنَّ المسلمين لا يزالونَ فوق النَّصاري إلي يوم القيامة؛ فإن المسلمين هم أتباعُ المرسلين في الحقيقة، وأتباعُ جميع الأنبياء، لا أعداؤه. وأعداؤه عُبَّادُ الصليب الذين رَضُوا أنْ يكونَ إلَهًا مصفوعًا مصلُوبًا مقتولًا، ولم يَرْضَوا أن يكونَ نبيًّا عبدًا لله، وجيها عنده، مقرَّبًا لديه. فهؤلاء أعداؤه حقًّا، والمسلمون أتباعُه حقًّا.
والمقصود: أنَّ بشارة المسيح بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فوقَ كلِّ بشارةٍ، لمَّا كان أقربَ الأنبياءِ إليه، وأَوْلاهُمْ به، وليس بينه وبينه نبيٌّ (مرسل صاحب شريعة وكتاب) (¬١) .
فصل
وتأمَّلْ قول المسيح: "إن أُرْكُون العالَم سيأتي"، وأُركون العالم: هو سيِّد العالم وعظيمه، ومَنِ الذي سادَ العالَم، وأطاعه العالَمُ بعد المسيح = غيرُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟!.
وتأمل قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - -وقد سئل ما أول أمرك؟ قال-: "أنا دعوة أبي
---------------
(¬١) ساقط من "ب، ج، ص".